كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

زيد - رضي الله عنه - في قتله المشرك بعد أن قال: لا إله إلا الله، فأنبه النبي - صلى الله عليه وسلم - ووبخه، وقال: "أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله" (¬١) مع أن الذي يظهر أنه قالها تعوذًا من القتل؟
قلنا: لا بد من قرينة قوية تدل على أنه يخشى منه الغدر والخيانة، وأما مجرد الظن فلا يكفي؛ لأن الأصل العصمة بالعهد، فيبنى على هذا الأصل حتى يُوجد ما يعارضه.
١٠ - أن الشرع منعًا ودفعًا وإذنًا كله لله عزّ وجل، لقوله: {فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا}، وهذا يدل على أن الأمر بيد الله، فهو الذي يحكم بما شاء من حل وحرمة وإيجاب وغير ذلك.
* * *

* قال الله تعالى: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (٩١)} [النساء: ٩١].
{سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ} السين هنا للتنفيس، وأختها "سوف" للتسويف، والفرق بينهما: أن التسويف متأخر، والتنفيس حاضر، وكلتاهما تفيدان التقرير والثبوت والتحقيق، فمثلًا إذا قلت: أنت سوف تجد زيدًا، وأنت ستجد زيدًا فكلتاهما تفيد التوكيد والثبوت، ولكن سوف للتراخي والسين للقرب.
---------------
(¬١) تقدم (١/ ١٤٩).

الصفحة 64