كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

الإشارة هنا إشارة إلى بعيد مع قرب الذكر، لبعد منزلتهم وسفول منزلتهم؛ لأن القريب قد يشار إليه بإشارة البعيد إما لبعده نزولًا أو لبعده علوًا، حسب ما يقتضيه السياق.
وقوله: {وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} أي: حقًا بينًا وسلطة بقتالهم، وأخذهم حيث {لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ}.
وهذه الآيات كلها في المنافقين وأشباه المنافقين؛ لأنها بُدئت بهم وانتهت بهم، فهي في المنافقين وأشباههم.
وخلاصتها بالمعنى الإجمالي: أن الناس أقسام: مسلمون، ومعاهدون، وذميون، ومنافقون، وكل قسم من هذه الأقسام له حكم يليق به.

من فوائد الآية الكريمة:
١ - علم الله عزّ وجل بالغيب، لقوله: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ}.
٢ - إثبات الإرادة للعبد، وتؤخذ من قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ}.
٣ - أنه لا يمكن الجمع بين الولاية والعداوة، ولا يمكن أن يكون الإنسان وليًا لأولياء الله، ووليًا لأعداء الله، هذا شيء لا يمكن، لقوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ}، وهذا قاله في مقام الذم لا في مقام المدح.
فإن قال قائل: هل يمكن الجمع بين العداوة والولاية في شخص معين؟
فنقول: نعم يمكن، فإذا كان هذا الشخص يأتي بالإيمان

الصفحة 66