كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

من فوائد الآية الكريمة:
١ - أن الأصل فيما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام أنه شرع؛ لعموم قوله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}.
وينبني على ذلك أننا لو شككنا فيما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام أو قاله هل هو شرع أو نسيان فنحمله على أنه شرع، ومن ذلك: "أنه قرأ سورة الزلزلة في صلاة الفجر في الركعتين"، قال الراوي: "فلا أدري أنسي أم كان على علم" (¬١) فنقول: إذا قلنا: إن الأصل أن ما فعله فهو شرع يكون هذا الإحتمال غير وارد، وإن ورد عقلًا فهو ضعيف شرعًا، ونقول: الأصل أن ما فعله فهو شرع وليس بنسيان.
٢ - الإحتجاج بالسنة، وأنها كالقرآن في وجوب العمل بها, ولكن نحتاج في السنة إلى إثبات نسبتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه ما دام أنها لم تثبت فإنها ليست من كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
٣ - جواز نسخ القرآن بالسنة، وجواز تخصيص القرآن بالسنة، أما الثاني فمحل اتفاق، وهو: أن السنة تُخصص القرآن، وأما الأول فمختلف فيه، فقيل: إنها - أي: السنة - لا تنسخ القرآن من وجهين:
الوجه الأول: أن ثبوت القرآن قطعي؛ لأنه نقل بالتواتر اللفظي والمعنوي، والسنة ليست كذلك.
الوجه الثاني: أن القرآن كلام الله منقول إلينا بالتواتر اللفظي والمعنوي، أما السنة فإن الرواة قد يتصرفون فيها فينقلونها بالمعنى، وهذا كثير؛ لذلك قالوا: إن القرآن لا يُنسخ بالسنة.
---------------
(¬١) رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين (٨١٦).

الصفحة 7