كتاب حاشية السندي على سنن النسائي (اسم الجزء: 2)

أَن مَا مَصْدَرِيَّة وَكَانَ تَامَّة وَالْجَار مُتَعَلق بأقرب وَلَيْسَت من تفضيلية وَالْمعْنَى شَاهد كَذَلِك فَلَا يرد أَن اسْم التَّفْضِيل لَا يسْتَعْمل الا بِأحد أُمُور ثَلَاثَة لَا بأمرين كالاضافة وَمن فَكيف اسْتعْمل هَا هُنَا بأمرين فَافْهَم وَخبر أقرب مَحْذُوف أَي حَاصِل لَهُ وَجُمْلَة وَهُوَ ساجد حَال من ضمير حَاصِل أَو من ضمير لَهُ وَالْمعْنَى أقرب أكوان العَبْد من ربه تبَارك وَتَعَالَى حَاصِل لَهُ حِين كَونه سَاجِدا وَلَا يرد على الأول أَن الْحَال لَا بُد أَن يرتبط بِصَاحِبِهِ وَلَا ارتباط هَا هُنَا لِأَن ضمير هُوَ ساجد للْعَبد لَا لأَقْرَب لأَنا نقُول يَكْفِي فِي الارتباط وجود الْوَاو من غير حَاجَة إِلَى الضَّمِير مثل جَاءَ زيد وَالشَّمْس طالعة فَأَكْثرُوا الدُّعَاء أَي فِي السُّجُود قيل وَجه الا قربية أَن العَبْد فِي السُّجُود دَاع لِأَنَّهُ أَمر بِهِ وَالله تَعَالَى قريب من السَّائِلين لقَوْله تَعَالَى وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني الخ وَلِأَن السُّجُود غَايَة فِي الذل والانكسار وتعفير الْوَجْه وَهَذِه الْحَالة أحب أَحْوَال العَبْد كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد حسن عَن بن مَسْعُود وَلِأَن السُّجُود أول عبَادَة أَمر الله تَعَالَى بهَا بعد خلق آدم فالمتقرب بهَا أقرب وَلِأَن فِيهِ مُخَالفَة لابليس فِي أول ذَنْب عصى الله بِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا أَقْرَبُ بِالرُّتْبَةِ وَالْكَرَامَةِ لَا بالمسافة والمساحة لِأَنَّهُ تَعَالَى منزه عَن الْمَكَان وَالزَّمَانِ وَقَالَ الْبَدْرُ بْنُ الصَّاحِبِ فِي تَذْكَرَتِهِ فِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى نَفْيِ الْجِهَةِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ الْعَبْدَ فِي انْخِفَاضِهِ غَايَةُ الانخفاض يكون أقرب إِلَى الله تَعَالَى قلت بني ذَلِك على أَن الْجِهَة المتوهم ثُبُوتهَا لَهُ تَعَالَى جلّ وَعلا جِهَة الْعُلُوّ والْحَدِيث يدل على نَفيهَا والا فالجهة السُّفْلى لَا ينافيها هَذَا الحَدِيث بل يُوهم ثُبُوتهَا بل قد يبْحَث فِي نفي الْجِهَة الْعليا بِأَن الْقرب إِلَى العالي يُمكن حَالَة الانخفاض بنزول العالي إِلَى المنخفض كَمَا جَاءَ نُزُوله تَعَالَى كل لَيْلَة إِلَى السَّمَاء على أَن المُرَاد الْقرب مَكَانَهُ ورتبة وكرامة لَا مَكَانا فَلَا تتمّ الدّلَالَة أصلا ثمَّ الْكَلَام فِي دلَالَة الحَدِيث على نفي الْجِهَة والا فكونه تَعَالَى منزها عَن الْجِهَة مَعْلُوم بأدلته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بوضوئه بِفَتْح الْوَاو أَي مَاء الْوضُوء مرافقتك

الصفحة 227