كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 2)
من أوديتهم أنهاراً إلى العلماء، ثم أعطت العلماء إلى العامة جداول صغاراً على قدر طاقتهم، ثم أجرت العامة إلى سواقيهم من أهاليهم وأولادهم ومماليكهم بقدر طاقة تلك السواقي.
ومن هاهنا:
ما روي في الخبر: أن لله سراً، لو أفشاه، لفسد التدبير، وللأنبياء سراً، لو أفشوه، لفسدت نبوتهم، وللملوك سراً، لو أفشوه، لفسد ملكهم، وللعلماء سراً، لو أفشوه، لفسد علمهم.
وإنما يفسد ذلك؛ لأن العقول لا تحتمله، فلما زيدت الأنبياء في عقولهم، قدروا على احتمال النبوة، وزيدت العلماء في عقولهم، وبذلك نالوا العلم، فقدروا على احتمال ما عجزت العامة عنه.
وكذلك علماء الباطن، وهم الحكماء زيدت في عقولهم، فقدروا على احتمال ما عجزت عنه علماء الظاهر، ألا ترى أن كثيراً من علماء الظاهر دفعوا أن تنقطع الوسوسة من الآدمي في صلاته، ودفعوا أن يكون له مشيٌ على الماء، أو تطوى له الأرض، أو يهيأ له رزق من غير وجود الآدميين، حتى أنكروا عامة هذه الروايات التي جاءت في مثل هذه الأشياء، فلو عقلوا، لقالوا مثل ما قال مطرف بن عبد الله حين سار ليلةً مع صاحبٍ