كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 2)
الحق والباطل، حتى يكون له مخرجاً من ظلمة الجهل، وشبهات الدنيا؛ فإن الجهل مظلم، والدنيا تزين على الآدمي بشهوتها التي في جوفه، فتشبه عليه حتى تخدعه، فبتقواه من هذه الأشياء يجعل له فرقاناً، وهو النور الذي يفرق به بين الحق والباطل، هذا ثواب التقوى في عاجل دنياه، وثوابه في الآخرة قربه، وكرامته، ورفعة درجته.
قال له قائل: فإن كان النظر في معرفة الحق من الباطل إلى القلب، فما الحاجة بنا إلى هذه الآثار؟
قال: بنا إليها من الحاجة ما لا يستغنى عنها، وقد سألت عن مسألة لها، فتفهم؛ فإني أريد أن أستقصي في جوابها لك على الاختصار والإيجاز، إن الله -تبارك اسمه- أكرم هذا المؤمن بمعرفته، فآمن به، واطمأن إليه، فوفر عقله، وأنار قلبه، وأشرق صدره، فالحق نورٌ، وعلى قلب المؤمن نور يتقد من قلبه على قلبه في صدره، فإذا عرض أمر هو لله حق، ووقع ذكره في الصدر على القلب، فالتقى نوره ونور القلب، امتزجا وائتلفا، فاطمأن القلب بما فيه، وسكن، وقد علمت أنه الحق، وإذا عرض باطل، فوقع ذكره في الصدر على القلب، وللباطل ظلمة، التقت الظلمة ونور الحق، فيفر النور، ولم يمتزج معه، فاضطرب القلب؛ لولوج الباطل.