كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 2)

ظله؛ لشغلهم ذلك عن النظر إلى أعمالهم، و [ما أ] هانوهم، وأجلوهم، وعظموا حرمتهم، أولئك قوم لم تمت شهوات نفوسهم، ولم يكون لقلوبهم مطالعة ما ذكرت، فخافوا أن يخالطوهم، أن يجدوا حلاوة برهم، فتخلط قلوبهم بقلوبهم، فاحترزوا لأنفسهم أن جانبوهم، وأعرضوا عنهم.
والآخرون نظروا إليهم، فشغلوا بما ألبسوا من ظله عن جميع ما هم فيه، فلم يضرهم اختلاطهم بهم، وبهذه القوة كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقون الأمراء الذين قد ظهر جورهم، ويقبلون جوائزهم.
وكان مالك بن دينار، ومحمد بن واسع، ومن قبلهم الحسن البصري يلقون الأمراء، ويقبلون منهم، فكانوا يلقونهم بما ذكرت من رؤية ظل الله عليهم، ويظهرون العطف عليهم، والنصيحة لهم، وقد غلط في هذا الباب كثير من الناس ممن يتقدس أو يتورع، وإنما أوتي ذلك من قلة معرفته بتقدير الله الذي عليه أمر العبودة.
واحتجوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما.
فأما حديث ابن عباس: ((ملعونٌ من أكرم بالغنى، وأهان بالفقر))

الصفحة 500