كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 2)

فالمفتون: الذي هو في خلو من هذا، وقد عظمت الدنيا في عينه، صفوه إلى الأغنياء تعظيماً ومعاطاة، ومعاشرة، فاهتش لرؤيتهم، وإذا رأى الفقير، أعرض عنه، وانقبض وخمد، فهذا كما قال ابن عباس رضي الله عنهما موسوم باللعنة إذ يكرم بالغنى، ويهين بالفقر.
والأول: إنما يكرم لله، ويهين لله، فإذا رأى ذا نعمةٍ، عظمه في الظاهر تعظيم برٍّ، ولطفٍ، ليبقى من دينه، ودين نفسه؛ ليكون أمر الله وتدبيره الذي وضعه له من العز، والتعظيم بمكانه، غير مشوش على خلقه، وهو في الباطن قلبه منه بعيدٌ، وكذلك أهل الفساد من الموحدين يرحمهم في الباطن، ويلطف بهم، ويرفق بهم في الظاهر؛ إبقاء على أحوالهم في أمر دينهم، والرفق محبوبٌ مبارك.
535 - حدثنا حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدثنا أبو ضمرة، قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب الرفق كله)).

الصفحة 504