كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 2)

الدنيا إلا بنقص من منزلتك، والله يقول: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حسابٍ}، ثم قال: {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مئابٍ}.
فمن يستروح إلى الدنيا، ولها يغضب، ولها يرضى، يكون هذا ثناء رب العالمين عليه، وزلفاه، وحسن مآب، ونعم العبد؟! فواضع هذا الحديث أحسبه كان زنديقاً معانداً، معادياً للرسل، أو جاهلاً من جهلة الصوفيين المستأكلة.
ومن صفة سليمان عندنا: أن الله امتحن قلبه للمرتبة العلية، وملكه الدنيا، وسخر له الشياطين والرياح، وعلمه منطق الطير، وكان من جلال الله وعظمته على قلبه ما لو جمعت خشية العالمين في ذلك الوقت؛ لدقت في جنب خشيته، وتواضعهم كلهم لله يدق في جنب تواضعه، وكانت الدنيا لا تزن عنده جناح بعوضة، فقد أثنى الله عليه في تنزيله تعالى، فقال: {ولقد آيتنا داود وسليمان علماً وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين. وورث سليمان داود}، فأعطاه الله علماً كما أعطى داود، ثم ورثه الله علم داود، فضمه إلى علمه، وهو قوله: {وورث سليمان

الصفحة 55