كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 2)
بن الحبال الْحَنْبَلِيّ صَحِيح مُسلم فِي سنة ثَلَاثِينَ فَلَمَّا قدم الْعَلَاء البُخَارِيّ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَعَ الركب الشَّامي من الْحجاز انْقَطع إِلَيْهِ ولازمه فِي الْفِقْه والأصلين والمعاني وَالْبَيَان والتصوف وَغَيرهَا حَتَّى مَاتَ وَكَانَ مِمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ الْكَافِي فِي الْفِقْه والبزدوي فِي أُصُوله، وَتقدم فِي غَالب الْعُلُوم وإنشاء النّظم الْفَائِق والنثر الرَّائِق وصنف نظما وثنرا مرْآة الْأَدَب فِي علم الْمعَانِي وَالْبَيَان والبديع وسلك فِيهِ أسلوبا بديعا نظم فِيهِ التَّلْخِيص عمله قصائد غزلية كل بَاب مِنْهُ قصيدة مُفْردَة على قافية أَشَارَ إِلَيْهِ شَيخنَا بقوله وأوقفني على منظومة فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان أَجَاد نظمها وَجعل كل بَاب قصيدة مُسْتَقلَّة غزلا يُؤْخَذ مِنْهُ مقصد ذَلِك الْبَاب انْتهى، ومقدمة فِي النَّحْو وعقود النَّصِيحَة والرسالة الْمُسَمَّاة العقد الفريد فِي التَّوْحِيد، ونثرا تَارِيخ تمولنك سَمَّاهُ عجائب الْمَقْدُور فِي نَوَائِب تيمور وَفَاكِهَة الْخُلَفَاء ومفاكهة الظرفاء وخطاب الأهاب الناقب وَجَوَاب الشهَاب الثاقب والترجمان المترجم بمنتهى الأرب فِي لُغَة التّرْك والعجم وَالْعرب.
وأشير إِلَيْهِ بالتفنن حَتَّى كَانَ مِمَّن يجله ويعترف لَهُ بالفضيلة شَيخنَا وَأثْنى على نظمه التَّلْخِيص كَمَا قَدمته، بل كتب عَنهُ من نظمه ليدخله فِي البلدانيات فَقَالَ أَنْشدني بِمَنْزِلَة بَرزَة بِالْقربِ من قَرْيَة القابون التحتاني فِي سَابِع رَمَضَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ لنَفسِهِ:
(السَّيْل يقْلع مَا يلقاه من شجر ... بَين الْجبَال وَمِنْه الأَرْض تنفطر)
(حَتَّى يوافي عباب الْبَحْر تنظره ... قد اضمحل فَلَا يبْقى لَهُ أثر)
)
مَعَ حرص صَاحب التَّرْجَمَة حِين كَونه بِالْقَاهِرَةِ على ملازمته والاستفادة مِنْهُ بل امتدحه بقصيدة بديعة أَتَى فِيهَا بألغاز وتعام وأهاج وجناسات وتلعب فِيهَا بضروب الْأَدَب أودعتها الْجَوَاهِر والدرر سَمعتهَا مِنْهُ وَمن لطيف أبياتها بَيْتا جمع فِيهِ حُرُوف الهجاء وَهُوَ:
(خض بَحر لفظ حَدِيثه تغش الْعلَا ... واجزم بصدقك ناطقا إِذْ تسند)
وَبَيت عاطل:
(الْعَالم الْعلم الإِمَام لَدَى الْعلَا ... الْعَامِل الحكم الْهمام الأوحد)
وَبَيت شطره الأول مِمَّا يَسْتَحِيل بالانعكاس وشطره الثَّانِي عاطل مَعَ كَونه مِمَّا لَا يَسْتَحِيل أَيْضا فَالْأول مركب من آمن وَالثَّانِي من أَحْمد وَهُوَ:
(نم آمنا من نم انما آمن ... دم حامدا مَا أم آدم أَحْمد)
وَكثر اجْتِمَاعهمَا وَطرح شَيخنَا عَلَيْهِ من الأسئلة الَّتِي فِيهَا من الفكاهة والمداعبة مِمَّا تعرف مِنْهُ الملاءة وَالْقُدْرَة على التَّخَلُّص مِنْهُ مَا أودعت مِنْهُ أَشْيَاء فِي الْجَوَاهِر عِنْد الْكَلَام على قُوَّة شَيخنَا فِي التَّفْسِير وَغَيره رحمهمَا الله، وَكَانَ أحد الْأَفْرَاد فِي إجادة
الصفحة 128