كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 2)
قَالَ لِأَنَّهُ بَحر بلاغة وفصاحة أنشدنا كثيرا من شعره وَله معرفَة بالفقه واللغة وَلَكِن الْغَالِب عَلَيْهِ الْأَدَب، وَله نظم كثير مِنْهُ كتاب مرآه الْأَدَب يشْتَمل على الْمعَانِي وَالْبَيَان والبديع وَهُوَ نظم بطريقة الْغَزل يكون نَحْو ألفي بَيت وَكتاب فِي علم النَّحْو نظمه بطريقة الْغَزل أَيْضا نَحْو مِائَتي بَيت وقصيدة غزلية فِي الصّرْف بديعة مدح بهَا بعض أَعْيَان الدولة وعقيدة فِي نَحْو مِائَتي بَيت وَشَرحهَا فِي مُجَلد وخطاب الإهاب الناقب وَجَوَاب الشهَاب الثاقب بَينه وَبَين الْبُرْهَان الباعوني وَحميد الدّين القَاضِي أبان فِيهِ عَن حفظ كثير للغة وَكَثْرَة اطلَاع وغزارة فضل وَسبب وَضعه أَن الباعوني كتب لَهُ بِسِتَّة أَبْيَات الْتزم فِيهَا بالظاء الممالة أَولهَا:
(أأحمد لم تكن وَالله فظا ... وَلَكِن لَا أرى لي مِنْك حظا)
)
وَاسْتوْفى كثيرا من اللُّغَة وَكَانَ قد وَقع بَينه وَبَين حميد الدّين فَحصل لِلشِّهَابِ سِتَّة أُخْرَى قبل نظره فِي كتب اللُّغَة وعملها فِي سِتَّة أَبْيَات فَعجب من كَثْرَة اطِّلَاعه وسعة دائرته ثمَّ كتب إِلَيْهِ بِأَبْيَات الْتزم فِيهَا الرَّاء قبل الْألف وَالرَّاء بعْدهَا أَولهَا:
(من مجيري من ظلوم مِنْهُ ... أبعدت فِرَارًا)
وَاسْتوْفى مَا فِي الْبَاب قَالَ الشهَاب فَلم أجد لَهُ قافية فَكتبت لَهُ على لِسَان حميد الدّين قصيدة بغدادية أَولهَا:
(أَي خداوند عجعبوا ... عَن مُوالَاة التناغي)
فَلم يقدر على الْجَواب بِمِثْلِهَا وَكتب إِلَيّ بقوله:
(يَا شهَاب الدّين يَا أحم ... مد يَابْنَ عرب شاه)
وَاسْتوْفى القافية فظفرت بأَشْيَاء تَركهَا فَقلت:
(قد أَتَى الْفضل عَلَيْهِ ... حلل اللطف موشاه)
فتعجب من سَعَة دائرته وَكَثْرَة اطِّلَاعه ثمَّ قَالَ لَهُ أَنا وَالله مَا عرفتك إِلَّا الْآن قَالَ فَقلت لَهُ وَالله وَإِلَى الْآن مَا عَرفتنِي وَطَالَ الْجَواب بَينهمَا على هَذَا المنوال حَتَّى ألف من ذَلِك مجلدا فَمن ذَلِك مَا كتب بِهِ الْبُرْهَان:
(ابْن عرب شاه كف عني ... أَولا فَخذ مَا يجيك مني)
(وَاعْلَم بِأَنِّي خصم أَلد ... الشَّرّ دأبي وَالْمَكْر فني)
(خَلْفي رجال لَهُم مجَال ... فِي الْحَرْب لَا يخلفون ظَنِّي)
إِلَى آخرهَا وَمن جملَة المراسلات أَن الْبُرْهَان أرسل إِلَيْهِ بِعشْرَة أَبْيَات الْتزم فِيهَا الْبَاء وَالتَّاء وَاسْتوْفى مَا فِي الصِّحَاح أَولهَا:
(إِن الذميم وَأَنت يَا ... هَذَا بِهِ عين الْخَبِير)
وَاسْتوْفى القوافي وَظن أَنِّي لم أجد قافية فأجبته وَآخر الْأَمر توجه حميد الدّين إِلَى
الصفحة 130