كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 2)
وَثَمَانمِائَة فَحَضَرَ دروسه أهل مَكَّة والغرباء وأثنوا على دروسه فِيهَا، استنابه أَبوهُ فِي الْقَضَاء والخطابة بل نزل لَهُ فِي مرض مَوته عَن تدريس المجاهدية والبنجالية فباشرهما قَرِيبا من عشر سِنِين وَكَانَ وَالِده استنجز لَهُ مرسوما بِأَن يكون نَائِبا عَنهُ فِي حَيَاته مُسْتقِلّا بعد وَفَاته فَحكم لَهُ نَائِب الْحَنْبَلِيّ بِمَكَّة بعد موت أَبِيه فِي رَمَضَان)
سنة سبع عشرَة بِصِحَّة هَذِه الْولَايَة الْمُعَلقَة وباشر بهَا أَشْيَاء ثمَّ جَاءَت الْولَايَة لغيره ثمَّ لَهُ فِي شعْبَان من الَّتِي تَلِيهَا فباشر بعفة ونزاهة وَحُرْمَة وَلم يلبث أَن حرف فِي شَوَّال من الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ أُعِيد بعد شهر إِلَى أَن مَاتَ. وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة خيرا دينا عَاقِلا صينا ورعا نزها متواضعا زَائِد التودد كَبِير الْإِنْصَاف قَلِيل الشَّرّ ذكيا فصيحا مُسَددًا فِي فَتَاوِيهِ كثير التَّحْقِيق فِي دروسه جميل المحاضرة حسن التَّصَرُّف فِي الزكوات وَالصَّدقَات يسوى فِي ذَلِك بَين الْقَرِيب والبعيد ذَا وَسْوَسَة فِي الطَّهَارَة وَالصَّلَاة حدث ودرس وَأفْتى، وَردت عَلَيْهِ أَشْيَاء كَثِيرَة من الطَّائِف وَغَيره فَأجَاب عَنْهَا وَله نظم ونثر فَمن نظمه:
(دِمَاء حج على أَنْوَاع أَرْبَعَة ... تفصيلها فِي خلال النّظم منثور)
الأبيات. وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ صاحبنا ابْن فَهد، وَقد ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَقَالَ: قَاضِي مَكَّة وَابْن قاضيها ومفتيها وَابْن مفتيها قَالَ وَكَانَ ماهرا فِي الْفِقْه والفرائض والحساب والفلك حسن السِّيرَة فِي الْقَضَاء قَالَ وخلت مَكَّة بعده مِمَّن يُفْتِي فِيهَا على مَذْهَب الشَّافِعِي زَاد فِي مَوضِع آخر وَكَذَا انقرض بِمَوْتِهِ الذُّكُور من نسل جمال الدّين، وَكَأَنَّهُ لم يستحضر وَلَده أَبَا الْفَتْح مُحَمَّد الْآتِي أَو لصغره سِيمَا وَقد مَاتَ تلوه بِخَمْسَة وَخمسين. وَكَذَا أثنى عَلَيْهِ التقي الفاسي وَقَالَ أَنه لم يخلف بعده مثله وَذكره ابْن قَاضِي شُهْبَة وَآخَرُونَ كالمقريزي فِي عقوده وَقَالَ نعم النَّاس نزاهة وديانة وَخيرا وإنصافا وَحسن فَضِيلَة وَجَمِيل محاضرة تردد إِلَيّ فحجت سنة خمس وَعشْرين وأهدي إِلَيّ. مَاتَ بعد تمرض نَحْو أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي ضحى يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشر ربيع الآخر سنة سبع وَعشْرين بِمَكَّة ونادى الْمُؤَذّن بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَوق زَمْزَم وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْعَصْر، تقدم النَّاس الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُوسَى الكفيري الدِّمَشْقِي وَدفن بالمعلاة عِنْد أَبِيه وجده بجوار قبر جده مقرئ مَكَّة الْعَفِيف عبد الله الدلاصي وَكثر الأسف عَلَيْهِ لمحاسنه رَحمَه الله وإيانا.
385 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمُنعم الشريف الشهَاب بن الشَّمْس بن الْكَمَال الحسني الجرواني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. / ولد فِي عَاشر رَجَب سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج
الصفحة 135