كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 2)

الشكل وَله الْيَد الطُّولى فِي الضَّرْب بِالْعودِ والبراعة فِي ضرب السنطير، وَكَانَ الْمُؤَيد شيخ يمِيل إِلَيْهِ وَيَأْخُذهُ مَعَه فِي منتزهاته وخلواته وباشر التأذين وَالتَّسْبِيح عِنْده فَكَانَ لَا يتَمَكَّن من الْأكل على سماطه لشرف نَفسه فضلا عَن تعَاطِي الخطف كَغَيْرِهِ وَلذَا قَالَ مُخَاطبا لناصر الدّين بن الْبَارِزِيّ:
(ارْحَمْ عبيدا ذاب من ألم العنا ... والجوع والتسهيد والتبريح)

(هبني عملت مُؤذنًا لكنني ... بشر وَلست أعيش بالتسبيح)
كتب عَنهُ غير وَاحِد، قَالَ شَيخنَا أَنه من مفاخر الديار المصرية فِي حسن الإنشاد لَا يفوقه أحد من أهل الْعَصْر فِيهِ وَلم يكن بِمصْر وَالشَّام فِي هَذَا الْوَقْت أحد يُسَاوِيه فِيمَا اجْتمع فِيهِ من طيب النغمة وَمَعْرِفَة الْفَنّ وَاجْتنَاب اللّحن واختراع التلحين الَّذِي لم يسْبق إِلَيْهِ قَالَ ونظم الشّعْر فَكَانَ رُبمَا يدْرك مِنْهُ الْوسط المقبول وَالْكثير مِنْهُ سفساف وَلَكِن كَانَ يسهله بِحسن إنشاده، قَالَ وَقد حضر مجَالِس الحَدِيث وَسَمعنَا من نظمه الْكثير ومدحني بِأَبْيَات عدَّة مرار وطارحني بِأَبْيَات تائية فوقانية معتذرا عَن قَضِيَّة اتّفقت لَهُ وأبرزها فِي قالب الاستفتاء، وَقَالَ فِي تَارِيخه وَكَانَ يعْمل الألحان وينقل كثيرا مِنْهَا إِلَى مَا ينظمه فَإِذا اشْتهر وَكثر الْعَمَل بِهِ تحول إِلَى غَيره، وَلم يسق شَيخنَا فِي تَارِيخه نسبه بل اقْتصر على أَحْمد بن مُحَمَّد ثمَّ قَالَ ابْن عبد الرَّحْمَن وَأما فِي مُعْجَمه فَقَالَ بعد مُحَمَّد ابْن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن وَفِيه قلب. مَاتَ فِي يَوْم السبت خَامِس عشر ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ فِي الطَّاعُون بعد أَن أسْرع إِلَيْهِ الشيب والهرم وَخلف مَالا جزيلا وكتبا تزيد على ألف مُجَلد سوى مَا اختلس فِيمَا قيل مِنْهَا، وَأورد لَهُ شَيخنَا من نظمه فِي مُعْجَمه:
(الْحَمد لله طَابَ الْعَيْش وابنسطت ... نفوسنا حِين زَالَ الْهم وانصرفا)

(ببرء قَاضِي الْقُضَاة الْعَالم الْعلم ال ... بَحر الخضم وَمن للرسل قدخلفا)

(قد أظهر الله فِي توعيكه عجبا ... لِلْخلقِ شاع جهارا لَيْسَ فِيهِ خفا)

(لما شكا جِسْمه نقصا فشابهه ... بَحر الْقيَاس وَولي يطْلب التلفا)

(وَحين عوفي زَاد الْبَحْر وانحدرت ... أمواجه ثمَّ نلنا فرحة ووفا)
وَقد ذكره الْعَيْنِيّ فَقَالَ الْوَاعِظ الْفَائِق لم يكن مثله فِي زَمَانه مَعَ اشْتِغَاله بِبَعْض الْعلم. وأغفله
المقريزي من تَارِيخه وَهُوَ عَجِيب وَلكنه أوردهُ فِي عقوده بِاخْتِصَار وَقَالَ كَانَ لي بِهِ أنس وأرخ مَوته فِي شَوَّال.
408 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُوسَى الشهَاب بن فتح الدّين أبي الْفَتْح الأبشيهي الْمحلي الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة وأخو الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي وسبط الشهَاب

الصفحة 143