كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 2)

شهده السُّلْطَان، وَلما جَاءَ الْخَبَر لدمشق بوفاته وَأخذ أَهله فِي الْبكاء عَلَيْهِ سقط سقف العزيزية الَّتِي كَانَت تَحت نظره.
ذكره شَيخنَا فِي أنبائه ومعجمه وَابْن خطيب الناصرية فِي ذيله لكَونه سَافر مَعَ نَائِب دمشق أَيَّام الْمُؤَيد إِلَى حلب وَكَانَ من رُؤَسَاء بَلَده ذَا حشمة وعقل وتخير وتمول لَهُ ثروة جزيلة ومآثر بهَا حَسَنَة وأملاك كَثِيرَة مَعَ مَكَارِم وأفضال عَارِيا من الْفَضَائِل بِحَيْثُ يتأسف لذَلِك وَيَقُول لَيْتَني كنت من أهل الْعلم وَلم يحجّ وَلَا عمل من الصَّالِحَات الَّتِي يذكر بهَا شَيْئا وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه أجَاز لأولادي وَلم أَقف لَهُ على سَماع طائل إِلَّا إِن كَانَ أَخذ شَيْئا عَن بعض شُيُوخنَا اتِّفَاقًا، وَقَالَ الْعَيْنِيّ أَنه كَانَ مطبوعا بشوشا لكنه مُتَّهم بأَشْيَاء وَقَالَ غَيره كَانَت بِيَدِهِ تداريس وأنظار وَهِي بِبَاب الْجَامِع القاعة الْعَظِيمَة الْمَعْرُوفَة بقاعة القَاضِي الْفَاضِل وَكَذَا أثنى عَلَيْهِ المقريزي فِي عقوده قَالَ عِنْد الله نحتسبه ونسأله أَن يلْحقهُ بسلفه الْكَرِيم.
15 - أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد شهَاب الدّين الْحُسَيْنِي سكنا الشَّافِعِي الشَّاهِد وَالِد بَرَكَات وَيعرف بِابْن أبي الروس. / مِمَّن حفظ الْقُرْآن وَأخذ عَن الزين البوتيجي وَنقل لي عَنهُ بِشَارَة تتَعَلَّق بِي وَكَذَا أَخذ عَن الشريف النسابة والحناوي وَعبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَلم يتَمَيَّز فِي الْعلم مَعَ دين وَستر وَقد انهرم وَالظَّاهِر كَمَا قَالَ لي وَلَده أَن مولده تَقْرِيبًا سنة خمس عشرَة وَهُوَ سنة تسع وَتِسْعين فِي الْإِحْيَاء.
16 - أَحْمد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مَكْنُون الشهَاب الهيتي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي. / ولد بهيت وَهِي من أَعمال المنوفية وَقدم الْقَاهِرَة فحفظ الْقُرْآن وكتبا كالمنهاج الفرعي وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن مَالك وَبَلغنِي أَنه كَانَ يعد نَفسه إِذا ختم الْمِنْهَاج أَنه يطْعمهَا من عرعر طباخ على بَاب الْجَامِع ولازم الِاشْتِغَال عِنْد أَئِمَّة الْعَصْر كالقاياتي والونائي وَالْجمال بن الْمُجبر وَابْن المجدي وَشَيخنَا وَكتب عَنهُ من أَمَالِيهِ وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الزين الزَّرْكَشِيّ وناصر الدّين الفاقوسي وَعَائِشَة الكنانية وَآخَرين وبرع فِي الْفِقْه وَكثر استحضاره لَهُ بل وللكثير من شرح مُسلم للنووي لإدمان نظره فِيهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الطّلبَة ودرس بِجَامِع الفكاهين ولازمه الْفَخر عُثْمَان الديمي وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُعينهُ على المطالعة فِي إِكْمَال ابْن مَاكُولَا وَشرح مُسلم وَكَانَ لَا يمل من)
المطالعة والاشتغال مَعَ الْخَيْر وَالدّين والتواضع وَالْجد الْمَحْض والتقلل الزَّائِد والاقتدار على مزِيد السهر وَلَوْلَا بطء الْفَهم لَكَانَ نادرة فِي وقته وَقد سَمِعت بقرَاءَته فِي الرَّوْضَة على شَيخنَا الونائي وَكَثُرت مجالستي مَعَه وَسمعت من فَوَائده وأبحاثه وَكَانَ جرش الصَّوْت فِي مباحثته ومخاطباته لَا يعرف الفضول وَلَا الْخَوْض فِيمَا لَا يعنيه طوَالًا حسنا وضيئا فِي لِسَانه لثغة، وَعين فِي أَوَاخِر عمره لبَعض التداريس فَلم يتم أمره فِيهِ، وَلم يلبث أَن مَاتَ بالطاعون فِي يَوْم الْأَحَد

الصفحة 6