كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 2)

هَذَا هُوَ الدّين الَّذِي لَا يجوز غَيره وَزَاد فِي نَحْو هَذَا فَسَأَلَهُ عَن من مَعَه على مثل رَأْيه من الْأُمَرَاء فبرأهم فَأمر بضربه فَضرب هُوَ وَأَصْحَابه وحبسوا فِي الخزانة حبس أهل الجرائم وَذَلِكَ فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ واستعملوا مَعَ المقيدين ثمَّ أفرج عَنْهُم فِي)
ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين فاستمر ابْن الْبُرْهَان مُقيما بِالْقَاهِرَةِ على صُورَة إملاق إِلَى أَن مَاتَ لأَرْبَع بَقينَ من جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وحيدا فريدا بِحَيْثُ لم يحضر فِي جنَازَته إِلَّا سَبْعَة أنفس لَا غير ورأيته بعد مَوته فَقلت لَهُ أَنْت ميت قَالَ نعم فَقلت مَا فعل الله بك فَتغير تغيرا شَدِيدا حَتَّى ظَنَنْت أَنه غَابَ ثمَّ أَفَاق فَقَالَ نَحن الْآن بِخَير لَكِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عتْبَان عَلَيْك فَقلت لماذا قَالَ لميلك إِلَى الْحَنَفِيَّة فَاسْتَيْقَظت مُتَعَجِّبا وَكنت قلت لكثير من الْحَنَفِيَّة إِنِّي لأود لَو كنت على مذهبكم فَيُقَال لماذا فَأَقُول لكَون الْفُرُوع مَبْنِيَّة على الْأُصُول فاستغفرت الله من ذَلِك، قَالَ وَقد كنت أنسيت هَذَا الْمَنَام فذكرنيه شهَاب الدّين أَحْمد بن أبي بكر البوصيري بعد عشر سِنِين. وَكَانَ ذَا مُرُوءَة علية وَنَفس أبيَّة حسن المذاكرة والمحاضرة عَارِفًا بِأَكْثَرَ الْمسَائِل الَّتِي يُخَالف فِيهَا أهل الظَّاهِر الْجُمْهُور يكثر الِانْتِصَار لَهَا ويستحضر أدلتها وَمَا يرد على معارضيها، وأملي وَهُوَ فِي الْحَبْس بِغَيْر مطالعة مِمَّا يدل على وفور اطِّلَاعه مَسْأَلَة رفع الْيَدَيْنِ فِي السُّجُود وَمَسْأَلَة وضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى فِي الصَّلَاة ورسالة فِي الْإِمَامَة، قَالَه شَيخنَا قَالَ وَقد جالسني كثيرا وَسمعت من فَوَائده كثيرا وَكَانَ كثير الْإِنْذَار لما حدث بعده من الْفِتَن والشرور بِمَا جبل عَلَيْهِ من الِاطِّلَاع على أَحْوَال النَّاس وَلَا سِيمَا ماحدث من الغلاء وَالْفساد بِسَبَب رخص الْفُلُوس بِالْقَاهِرَةِ بِحَيْثُ أَنه رأى عِنْدِي قَدِيما مرّة مِنْهَا جانبا كَبِيرا فَقَالَ لي احذر أَن تقتنيها فَإِنَّهَا لَيست رَأس مَال فَكَانَ كَذَلِك لِأَنَّهَا كَانَت فِي ذَلِك الْوَقْت يُسَاوِي القنطار مِنْهَا عشْرين مِثْقَالا فَأكْثر وَآل الْأَمر فِي هَذَا الْعَصْر إِلَى أَنَّهَا تَسَاوِي أَرْبَعَة مَثَاقِيل ثمَّ صَارَت تَسَاوِي ثَلَاثَة ثمَّ اثْنَيْنِ وَربع وَنَحْو ذَلِك ثمَّ انعكس الْأَمر بعد ذَلِك وَصَارَ من كَانَ عِنْده مِنْهَا شَيْء اغتبط فِيهِ لما رفعت قيمتهَا من كل رَطْل لسِتَّة إِلَى اثْنَي عشر ثمَّ إِلَى أَرْبَعَة وَعشْرين ثمَّ تراجع الْحَال لما فقدت ثمَّ ضرب فلوس أُخْرَى خَفِيفَة جدا وَجعل سعر كل رَطْل ثَلَاثِينَ وَظهر فِي الْجُمْلَة أَنَّهَا لَيست مَالا يقتنى لوُجُود الْخلَل فِي قيمتهَا وَعدم ثباتها على قيمَة وَاحِدَة. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه ومعجمه بِمَا تقدم وَقَالَ فِي الثَّانِي وَقد سمع بِبَغْدَاد وحلب ودمشق وَغَيرهَا من جمَاعَة من المسندين إِذْ ذَاك وَمن مسموعه على الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن الصفي الغزولي منتقي الذَّهَبِيّ من

الصفحة 97