كتاب تراجم المؤلفين التونسيين (اسم الجزء: 2)

عن صدور تلك المقالة من الوالي، وأعلماه بأنه أصدر أذنه بتخلية سبيل السعدي.
ومن لطائفه أنه استجار به العدل الشيخ منصور الورغمي في لبس الملوّسة حين ألزمها الأمير حسين باشا باي لكافة العدول على نظر الشيخ محمد بيرم الثالث، وكان الشيخ منصور دميما فاستهجن لبسها، وخاف أن يتعاطاه الناس بسببها، فكتب المترجم في ذلك إلى شيخ الإسلام محمد بيرم الثالث مستشفعا بقوله:
كبرت عليهم إنها لكبيرة … منصوبة علما على التمييز
فتفرقوا أيدي سبا في فضلها … والخلف بين الناس غير عزيز
فعلى فريق منهم هي مثلة … ولبعضهم زلفى إلى التمييز
أما بنو ورغمة ففقيههم … لم يجز مذهبه على التجويز
فلذاك رام حماك علما أنّ من … يأتيه في حرز هناك حريز
فأجره من همز ومن لمز بها … ما حالة المهموز والملموز؟
لا زلتم كهفا يلاذ بعزه … فينال فوق القصد كل عزيز
فأجابه عن ذلك شيخ الإسلام محمد بيرم الثالث بقوله:
يا أيها العلم الذي حسناته … شرفت بطلعتها على الابريز
وجهت لي دررا يقر بحسنها … أهل الصياغة من أولي التبريز
فعرفت مطلبها ونيل مرامها … سهل يمين الله غير عزيز
فعليه تأخير العمامة برهة … حتى يكون القول في التمييز
ومن مواقف المترجم التي يؤاخذ عليها، ويراها بعضهم أنه جانب فيها الصواب، فتواه في جواز الاحتماء بالدول الأجنبية إذا خاف المحتمي من ظلم قد يؤدي بحياته، وهذه الفتوى صدرت منه في مسألة القاضي محمد العنابي، وقد رد عليها ردا مطولا مفتي فاس الشيخ المهدي الوزاني في أوائل نوازله المسماة بالمعيار الجديد.
توفي بمرض الكوليرا الذي اجتاح تونس في 22 رمضان، ودفن بتربته بالزاوية التي أحدثها لذكر الورد التيجاني.

الصفحة 396