كتاب المقدمات الممهدات (اسم الجزء: 2)
وشاهده وكاتبه»، وقال: هم سواء، ومن ذلك تحريمه التفاضل بين الذهبين والورقين. وأن لا يباع من ذلك شيء غائب بناجز، وما أشبه ذلك كثير. وأما الإجماع فمعلوم من دين الأمة ضرورة أن الربا محرم في الجملة وإن اختلفوا في تفصيل مسائله وتبيين أحكامه وتعيين شرائطه، على ما يأتي في مواضعه إن شاء الله، وبالله سبحانه وتعالى التوفيق وهو الهادي إلى أقوم طريق.
فصل
في معنى الربا، وأصل الربا الزيادة والإضافة، يقال: ربا الشيء يربو: إذا زاد وعظم، وأربى فلان على فلان: إذا زاد عليه، يربي إرباء، وكان ربا الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الدين، فإذا حل قال له: أتقضي أم تربي؟ فإن قضاه أخذه، وإلا زاده في الحق وزاده في الأجل، فأنزل الله في ذلك ما أنزل، فقيل للمربي: مرب، للزيادة التي يستزيدها في دينه لتأخيره به إلى أجل.
فصل
فمن استحل الربا فهو كافر حلال الدم، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، قال الله عز وجل: {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275]، يريد: عاد إلى الربا باستحلاله، لأن الخلود في النار من صفات الكافرين. وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278] {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279]، أي إن لم تفعلوا وتقبلوا ذلك وتقروا به، فأذنوا بحرب؛ أي فاعلموا أنكم محاربون من الله ورسوله لأنكم مشركون.
الصفحة 8
560