كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 2)

وولي بعده ولده يوسف المستنصر، وكان ولداً حدثاً ضعيف الهمّة والخلال، فانكبّ على لهوه وساءت أمور المملكة، وسرت إليها الفوضى. ففي تلك الآونة، بدأ فيها ملك الموحِّدين يهتزّ في يد القدر، نفذ بنو مرين إلى المغرب، وتوغّلوا في جنباته، واشتبكوا مع الموحِّدين لأول مرة سنة (613 هـ)، إذ حاول الملك المستنصر أن يقضي عليهم، فأرسل جيوشه لقتالهم، ولكنّها هزمت، ووصل بنو مرين إلى أحواز فاس، وكان أمير بني مرين يومئذ أبو محمد عبد الحق بن خالد بن محيو، ولكنّه قتل في بعض المواقع سنة (614 هـ)، فخلفه في الإمارة ولده أبو سعيد عثمان، واستمر يقود قومه في حرب الموحِّدين (1).
وفي سنة (639 هـ - 1241 م) سيّر الرشيد ملك الموحِّدين جيشاً لقتال بني مرين، فهُزِم الموحِّدون هزيمة شنيعة، واستولى المرينيون على معسكرهم. وتوفى الرشيد في العام التالي، فخلفه في الملك أخوه أبو الحسن السعيد، فاعتزم أن يضاعف الجهد للقضاء على بني مرين، فسيّر لقتالهم سنة (642 هـ - 1244 م) جيشاً ضخماً، ونشبت بين الموحدين وبين بني مرين معركة هائلة، هُزِم فيها بنو مرين، وقُتِل أميرهم أبو معروف محمد بن عبد الحق، وكانت ضربة شديدة هزّت من عزائمهم مدى حين. وتولّى إمارة بني مرين بعد مقتل أبي معروف، أخوه أبوبكر بن عبد الحق الملقّب بأبي يحيى، وفي عهده اشتدّ ساعد بني مرين، واستولوا على مكناسة (643 هـ)، ثم زحفوا على فاس واستولوا عليها بعد حصار شديد (648 هـ - 1250 م)، وكان سقوط فاس حاضرة المغرب القديمة أعظم ضربة أصابت مملكة الموحِّدين، وكان نذير الانهيار النهائي. ثمّ استولوا على سجلماسة ودرعة (655 هـ). ولما توفى أبو يحيى سنة (656 هـ) تولى أخوه أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق من بعده رياسة بني مرين، وجعل مدينة فاس حاضرة ملكه. وفي سنة (657 هـ) نشبت
_______
(1) الذخيرة السنية (93 - 94).

الصفحة 138