كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 2)

بن مسعود، وقام بكفالته بضعة أشهر حتى توفي، ثم خلفه في الوزارة وكيل أبيه محمد بن أحمد بن المحروق، فاستبدّ بالأمور واستأثر بكل سلطة، فحقد عليه السلطان الفتى، وكان رغم حداثته مقداماً قوي النفس، ولم يلبث أن بطش بوزيره المتغلِّب عليه، فقتل بأمره سنة (729 هـ).
وكان من أوائل أعماله، تجديد معاهدة الصداقة مع أراغون، وكان ملكها خايمي الثاني قد أوفد إليه سفيره يطلب إليه تجديد معاهدة الصلح والصداقة التي عقدت بينه وبين أبيه وانقضى أجلها المحدّد بانقضاء أعوامها الخمسة، فوافق السلطان على تجديدها بسائر نصوصها وشروطها، ووقّعت المعاهدة الجديدة في جمادى الثانية سنة (726 هـ - مايس - مايو - 1326 م) (1).
ولأول عهده نشب الخلاف بينه وبين شيوخ الغزاة المغاربة وعلى رأسهم عثمان بن أبي العلاء، وامتنعوا ببعض الثغور الجنوبية ولا سيما ألمرية، وانضم إليهم عمّ السلطان محمد بن فرج بن إسماعيل، فقاموا بدعوته، ونشبت بين الفريقين عدّة معارك محلية كان النصر بينهما سجالاً فيها، وانتهز القشتاليون - كعادتهم - تلك الفرصة، فأثخنوا في الأراضي الإسلامية واستولوا على ثغر بيره وعدد من الحصون (2). ولما تفاقم عبث النصارى آثر السلطان التفاهم مع الخوارج عليه، وعقدت بينهما الهدنة على أن يستقروا بوادي آش باسمه وتحت طاعته. وتولى تدبير الأمور بعد مقتل ابن المحروق، الحاجب أبو نعيم رضوان النصري، فهدأت الفتنة واستقرّت الأمور نوعاً ما، ولكن ابن الأحمر كان يتوجّس شراً من اضطراب الأحوال في مملكته، ومن تربص النصارى بها، ورأى أن يتّجه بصريخه إلى بني مرين مرة أخرى، وكانت العلائق يومئذ على صفائها بين غرناطة وفاس، وكان بنو مرين حينما شغلوا بشئونهم الداخلية قد تركوا الجزيرة وحصونها لابن الأحمر (سنة
_______
(1) Archivo de la Corona de Aragon , No. 148
(2) الإحاطة (1/ 544)، وبيره Vera بلدة حصينة تقع في شمال شرقي ولاية ألمرية على مقربة من البحر.

الصفحة 162