كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 2)

إلى المسلمين نجدة من الوحدات البحرية، ولكنها هُزِمت ومُزِّقت تجاه جبل طارق. ثم عقد بين الفريقين اتفاق هدنة وتحكيم لتقدير الأضرار لمدة عامين (6 تشرين الأول - أكتوبر 1406 م) (1)، ولكن هنري الثالث توفي بعد ذلك بقليل (أواخر سنة 1406 م) وخلفه على عرش قشتالة ولده خوان (يوحنا) طفلاً تحت وصاية أمه وعمه فرديناند. ولم يحترم الوصي الجديد أحكام الهدنة المعقودة، بل عمد إلى تنفيذ مشاريع قشتالة بمنتهى القوة والعزم، فسار إلى غزو أراضي المسلمين. واستولى على حصن الصخرة على مقربة من رندة، واقتحم حصن باغة (2)، وعاث في تلك الأنحاء، واسترد حصن أيامونتي من المسلمين. وبادر محمد بدوره بغزو أراضي قشتالة من ناحية الشرق وعاث في ولاية جيّان، فاضطر فرديناند أن يسير إلى الشرق لإنجاد النصارى، واستمرت المعارك بين الطرفين حيناً، ثم انتهت بعقد الهدنة بينهما لمدة ثمانية أشهر (أوائل سنة 1408 م). ولما عاد محمد إلى غرناطة، لم يلبث أن اشتد به المرض، فتوفي سنة (811 هـ - 1408 م).
على أنه في الوقت الذي كانت الحرب تضطرم فيه بين غرناطة وقشتالة على هذا النحو بلا انقطاع، كانت غرناطة ترتبط بمملكة أراغون منافسة قشتالة وخصيمها أحياناً، بصلات المودة والصداقة. ففي ربيع الأول سنة (808 هـ - أيلول - سبتمبر - 1405 م) عقدت بين السلطان وبين مرتين ملك أراغون وولده مرتين ملك صقلية، معاهدة صداقة وتحالف، توضح لنا نصوصها الشاملة مجمل المسائل التي كانت في هذا العصر، تشغل المسلمين والنصارى في شبه الجزيرة الإسبانية.
وتنص هذه المعاهدة على أن يعقد بين الدولتين (صلح ثابت)، لمدة خمسة أعوام من تاريخ عقدها، وأنه يحق لرعايا كل من الفريقين أن يتردد على أراضي الفريق الآخر، آمنين في أنفسهم وأموالهم للتجارة والبيع والشراء،
_______
(1) Archivo general de Simancas: P. R. 11-1
(2) باغة: وهي بالإسبانية Priego

الصفحة 184