كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 2)

الاضطراب الخطر؛ إضرام المنافسة بين العرش وبين الأسر النبيلة القوية، مثل بني سراج، وبني أضحى، وبني الثغري وغيرهم، واضطرام المنافسة فيما بين هذه الأسر القوية ذاتها، وغلبة نفوذ النساء في البلاط. وكان من أثر ذلك أن حدثت في سنة (1462 م) فتنة خطيرة من جراء محاولة السلطان ابن إسماعيل أن يقضي على نفوذ بني سراج أقوى هذه الأسر وأعرقها، وهكذا كانت نذر التفكك تعمل عملها المشئوم (1). ومع أن غرناطة تمتعت بمزايا الهدنة الخادعة التي عقدتها مع قشتالة لمدى قصير، فقد كان من الواضح أن المملكة الإسلامية كانت تنحدر سراعاً إلى مصيرها الخطر، وتواجه شبح الانحلال الأخير.
ولم يمضِ قليل على ذلك، حتى وقع انقلاب جديد في ولاية العرش الغرناطي، ذلك أن الأمير سعداً عاد فهاجم الحمراء مع أنصاره، وانتزع العرش لنفسه (1462 م). وفرّ السلطان ابن إسماعيل وخصوم السلطان الجديد. وهنا تلقي الرواية الإسلامية بعض الضوء على ما تلا من الحوادث في غرناطة، وهذه الرواية هي رواية مؤرخ ورحّالة مصري زار المغرب والأندلس في تلك الفترة، هو عبد الباسط بن خليل الحنفي، دوَّنها في مؤلفه المسمى: "كتاب الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم" (2)، وهو يحدثنا عن بعض أخبار الأندلس التي سمعها أثناء زيارته للمغرب وغرناطة سنة (870 هـ)، ويروي لنا ما وقف عليه من الحوادث الأندلسية حتى سنة (887 هـ - 1482 م).
يقول الرحالة المصري: إن سلطان الأندلس في سنة (867 هـ - 1462 -
_______
(1) يرى المستشرق جاينجوس أن منافسات بني سراج وبني الثغر، كانت من أهم أسباب التعجيل بسقوط غرناطة.
(2) تحفظ نسخة مخطوطة. وحيدة من هذا الكتاب بمكتبة الفاتيكان الرسولية برقمي Borg. 728 , 729، وهي في مجلدين: الأول في 259 ورقة كبيرة، والثاني في 66 ورقة، وترد أخبار الأندلس مبعثرة في حوليات المجلدين المتوالية.

الصفحة 197