كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 2)

ادِّعاء مَن كان عليهم لا معهم بأنهم موالي، كان نتيجة لتعالي أولاد عبد العزيز بالنسب المفتعل، فهو رد فعل تلقائيّ لهذا التعالي الموهوم، فلا يُؤخذ به ولا يُصَدَّق، لأنّ دوافعه عاطفيّة لا واقعيّة.
إنّه عربيّ (1) من بني لَخْم، أبوه موسى بن نُصَيْر الَّلخْمِيّ (2) فاتح الأندلس المشهور، وكان والياً على إفريقيّة والمغرب من أواخر سنة خمس وثمانين الهجرية (704 م) أو أوائل سنة ست وثمانين الهجريّة (705)، كما شغل عدة مناصب إدارية وقياديّة قبل ذلك، تدلّ على أنّه كان قريباً من بني أُميّة ومَن يعمل معهم في الإدارة والقيادة.
ولم يكن جَدُّه نُصَير، بعيداً عن مراكز السّلطة في الإدارة والقيادة أيضاً، وأصله من سبايا بلدة عَيْن التّمر (3) الذين سباهم خالد بن الوليد سنة اثنتي عشرة الهجرية (633 م)، فقد وجد خالد أربعين غلاماً يتعلّمون الإنجيل، عليهم باب مغلق، فكسره عنهم وقال: "وما أنتم؟! "، فقالوا: "رُهُن! "، منهم نُصَير أبو موسى بن نُصَير، فقسّمهم خالد في أهل البلاد (4)، فأصل عبد العزيز من عين التّمر (5). وقد أعتق نُصيراً بعضُ بني أُميَّة، فرجع إلى الشَّام (6)، ثم أصبح من حرس معاوية بن أبي سفيان (7) رضي الله عنه، ثمّ أصبح على حرس معاوية (8)، وعلى جيوشه (9)، وكانت منزلته عند معاوية
_______
(1) البلاذري (248) والنجوم الزاهرة (1/ 235).
(2) أنظر سيرته المفصلة في كتابنا: قادة فتح المغرب العربي (1/ 221 - 309).
(3) عين التّمر: بلدة قريبة من الأنبار (مدينة الفلّوجة على الفرات القريبة من بغداد في غربيها) غربيّ الكوفة، بقربها موضع يقال له: شفاثا، معروف اليوم، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (6/ 253).
(4) الطبري (2/ 577) وأنظر ابن الأثير (2/ 151).
(5) البداية والنهاية (9/ 171).
(6) البلاذري (248) ومعجم البلدان (7/ 267).
(7) ابن خلدون (4/ 187).
(8) وفيات الأعيان (4/ 402) ونفح الطيب (1/ 224).
(9) نفح الطيب (1/ 224).

الصفحة 24