كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 2)

أما في غرناطة وأنحاء الأندلس، فقد أعلن قرار النفي في (12 كانون الثاني - يناير سنة 1610 م) بعد أن عدِّلت بعض أحكامه، وفيه يمنح الموريسكيون للرحيل ثلاثين يوماً، ويباح لهم بيع سائر أملاكهم المنقولة وأخذها ثمنها، على أن يقتنى بها عروض أو بضائع إسبانية، ولا يسمح لهم بأن يحملوا معهم من النقد أو الذهب أو الحلي، إلاّ ما يكفي نفقات الرحلة بالبر والبحر، وأما الأملاك العقارية، فتصادر لجهة العرش. وقد استقبل الموريسكيون في الأندلس قرار النفي بالاستبشار والرضى، ويقدر مَن نزح منهم إلى المغرب سواء على سفن الحكومة أو السفن الحرة، بنحو مائة ألف نفس، وقد نزح معظمهم إلى مراكش.
ثم توالى إعلان قرارات النفي في جميع الجهات التي تضم مجتمعات موريسكية، في سائر أنحاء المملكة الإسبانية: في قطلونية، وأراغون في (أيار - مايو - 1610 م)، ثم في إشبيلية واسترمادورة ( EXTREMADURA) ، ثم في مرسية وغيرها. وتأخر تنفيذه في مرسية نحو أربعة أعوام حتى (كانون الثاني - يناير 1614 م)، وخرج من مرسية زهاء خمسة عشر ألفاً، واتجهت جموع كثيرة من الشمال إلى الثغور الجنوبية.
واتجهت بعض الجماعات إلى الثغور الإيطالية مباشرة، أو عن طريق فرنسا، ومنها أبحرت إلى مصر والشام والقسطنطينية (1). وبلغ السلطان أحمد سلطان الترك، ما أصاب الكثير منهم في أرض فرنسا من الاعتداء والنهب، فأرسل إلى ملكتها (وهي يومئذ ماري دى مريتشي الوصية على ولدها لويس الثالث عشر) يحتج على هذا الإيذاء، ويطلب حماية المنفيين (2). وكان بين هؤلاء الذين اتجهوا إلى المشرق، بعض طوائف من يهود الأندلس، ولا سيما طائفة (الحسديم) التي مازالت تقيم حتى اليوم في القسطنطينية، ويقيم بعضها في مصر.
_______
(1) نفح الطيب (2/ 617).
(2) Dr Lea: The Moriscos; P. 364.

الصفحة 388