كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 2)

وقد صدر قرار النفي - كما قدمنا - في (22 أيلول - سبتمبر سنة 1609 م) وهو يوافق جمادى الثانية سنة (1018 هـ)، ولكن الرواية الإسلامية تضع تاريخ القرار أحياناً سنة (1016 هـ أو 1017 هـ)، وهو تحريف واضح.
قال المقري - وهو مؤرخ الأندلس، وقد كان معاصراً للمأساة -: "إلى أن كان إخراج النصارى إياهم (أي العرب المتنصرين) بهذا العصر القريب أعوام سبعة عشر وألف، فخرجت ألوف بفاس، وألوف أُخَر بتلمسان من وهران، وجمهورهم خرج بتونس، فتسلط عليهم الأعراب ومَن لا يخشى الله تعالى في الطرقات، ونهبوا أموالهم، وهذا ببلاد تلمسان وفاس. ونجا القليل من هذه المضرّة. وأما الذين خرجوا بنواحي تونس فسلم أكثرهم، وهم لهذا العهد عمروا قراها الخالية وبلادها، وكذلك بتطوان وسلا وفيجة الجزائر. ولما استخدم سلطان المغرب الأقصى جيشاً جراراً وسكنوا سلا، كان منهم من الجهاد في البحر، ما هو مشهور الآن. وحصنوا قلعة سلا، وبنوا بها القصور والحمامات والدور، وهم الآن بهذه الحال. ووصل جماعة إلى القسطنطينية العظمى، وإلى مصر والشام وغيرها من بلاد الإسلام، وهم لهذا العهد على ما وصفت" (1).
وقال ابن دينار التونسي - وقد كتب بعد المأساة بنحو سبعين عاماً في أخبار سنة (1017 هـ) -: "وفي هذه السنة والتي تلتها، جاءت الأندلس من بلاد النصارى، نفاهم صاحب إسبانيا، وكانوا خلقاً كثيراً، فأوسع لهم عثمان باي في البلاد، وفرّق ضعفاءهم على الناس، وأذن لهم أن يعمروا حيث شاءوا، فاشتروا الهناشير، وبنوا فيها، واتسعوا في البلاد، فعمرت بهم، واستوطنوا في عدة أماكن، وعمروا نحو عشرين بلداً، وصارت لهم مدن عظيمة، وغرسوا الكروم والزيتون والبساتين، ومهّدوا الطرقات، وصاروا يعتبرون من أهل .....................................................................
_______
= بعض التصرف (ص: 200 - 214).
(1) نفح الطيب (2/ 617).

الصفحة 395