كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 2)

الهجرية (1) (كانون الثاني - يناير من سنة 716 م)، فقضى في ولايته زهاء عامين فقط، أنجز ما أنجز خلالهما من أعمال جِسام، ذكرنا قسماً منها، وكان بإمكانه أن ينجز أعمالاً أكبر مما أنجزه وأكثر، لولا أنّ نفسه كانت طوال أيام ولايته مروّعة ينتابها الخوف على مصير أبيه موسى بن نُصير، ومصير أسرته، فمال إلى السّكون والانتظار والترقب، وبهذا وحده يمكن أن نعلّل عدم نشاطه في العمل (2)، وقد عرفناه إلى ذلك الحين رجلاً مقداماً نشيطاً لا يكلّ ولا يملّ من العمل، ويُتعب من يعمل معه دون أن يَتعب، فقد كان من أولئك القلائل الذين لا ينامون ولا يُنيمون.
ولا عبرة في ذكر شيء من حرب الإشاعة في بعض المصادر المعتمدة، التي أشاعها أعداء عبد العزيز عليه طمعاً بولاية الأندلس ومناصبها العليا، فقد تردّد ذكرها على ألسنة الناس وتناقلوها دون تدقيق ولا تمحيص، فسجّلها أحد المؤرخين ثقة بها أو كشفاً لزيفها، ثمّ تناقلها عنه غيره بالتدريج، ولا غبار على أنّها من الإشاعات المغرضة التي لا تُصدّق، فما كلّ ما خطّته المصادر صواب، ولا يخلو مصدر من هفوات.
وقد كان موسى بن نُصير من التابعين (3)، فيكون عبد العزيز ابنه من تابعي التابعين، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
_______
(1) البيان المغرب (2/ 34)، وأنظر جذوة المقتبس (271)، وفي بغية الملتمس (386): أنّه قتل سنة تسع وتسعين الهجرية.
(2) فجر الأندلس (129).
(3) تاريخ العلماء والرواة بالأندلس (2/ 144) وجذوة المقتبس (317) وبغية الملتمس (457) ووفيات الأعيان (4/ 402) والبداية والنهاية (9/ 171).

الصفحة 44