كتاب قادة فتح الأندلس (اسم الجزء: 2)

المنصب ولما زكّاه. ولا عبرة بترديد قسم من المؤرخين قصة سجن عبد الله وقتله (1)، فهم ينقلون عن بعضهم بالتعاقب.
والدليل على أن محمد بن يزيد لم يقتل عبد الله، ما ذكره بعض المؤرخين المعتمدين، من أن سليمان بن عبد الملك عزل عبد الله ابن موسى بن نصير، واستعمل محمد بن يزيد على إفريقية سنة سبع وتسعين الهجرية، فلم يزل عليها حتى مات سليمان (2)، ولا ذكر لسجن عبد الله وتعذيبه وقتله في تلك المصادر.
ولعل مما يضاعف الشك، في صحة ما جاء، من أن محمد بن يزيد عامل سليمان بن عبد الملك قد سجن وعذّب وقتل عبد الله بن موسى، ما ذكره البلاذري، من أن عبد الله كان لا يزال حيّاً يرزق في القيروان، بعد رحيل محمد بن يزيد معزولاً عن إفريقية والمغرب: "ثم لما كانت خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (3)، ولّى المغرب إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر مولى بني مخزوم (4)، فسار أحسن سيرة، ودعى البربر إلى الإسلام، وكتب إليهم عمر بن عبد العزيز كتبُاً يدعوهم إلى ذلك، فقرأها إسماعيل عليهم في النواحي، فغلب الإسلام على المغرب. ولما ولي يزيد بن عبد الملك (5)، ولّى يزيد بن أبي مُسْلِم (6) مولى الحجاج بن يوسف إفريقية والمغرب، فقدم إفريقية في سنة
_______
(1) النجوم الزاهرة (1/ 235).
(2) ابن الأثير (5/ 23)، من دون أن يذكر أنّ سليمان أمر محمد بن يزيد بسجن عبد الله بن موسى وتعذيبه وقتله، ولو كان سليمان قد أمر بذلك، لما أغفله المؤرخ ابن الأثير، ويبدو أنّه وجده خبراً متهافتاً يصعب تصديقه، فأغفله إغفالاًَ كاملاً، ولم يتطرّق إليه من قريب أو بعيد.
(3) مات سليمان بن عبد الملك سنة تسع وتسعين الهجرية، فخلفه عمر بن عبد العزيز، أنظر ابن الأثير (5/ 37 - 38) والعبر (1/ 118) والبيان المغرب (1/ 48).
(4) أنظر مجمل سيرته في البيان المغرب (1/ 48).
(5) توفي عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة الهجرية، فخلفه يزيد بن عبد الملك، أنظر ابن الأثير (5/ 58) و (5/ 17) والعبر (1/ 120) والبيان المغرب (1/ 48).
(6) أنظر مجمل سيرته في البيان المغرب (1/ 48).

الصفحة 79