كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)
مسلم: فصلى جالسا، وصلينا وراءه جحلوسا (¬1)، وفي الحديث الآخر: فأشار إليهم: أن اجلسوا (¬2)، وكأنهم جعلوا متابعة الإمام عذرا في إسقاط القيام.
وذهب الشافعي والجمهور: إلى أن المأموم القادر على القيام، لا تصح صلاته خلف الإمام العاجز عن القيام إلا قائما، واحتجوزا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في مرضه الذي توفي فيه قاعدا، وأبو بكر والناس خلفه قياما، قالوا: وهو آخر الأمر منه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا أحد القولين عندنا.
والثاني: منع ذلك، وهو المشهور؛ تعلقا بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا يؤمن أحد بعدي جالسا» (¬3)، وهذا الحديث، وإن كان قد احتج به أصحابنا لهذا القول؛ أعني: حديث (¬4): «لا يؤمن أحد بعدي جالسا»، فهو حديث لا تكاد تقوم به حجة؛ لأنه رواه الدارقطني
¬__________
(¬1) قلت: كذا نقله الشارح -رحمه الله- من "إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 311).
وكلام القاضي يوهم أن هذه القطعة قد خرجها مسلم في "صحيحه"، وليس كذلك. إنما رواه مسلم (411/ 77) بلفظ: "فصلى بنا قاعدًا، فصلينا وراءه قعودًا".
(¬2) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (656)، ومسلم برقم (412).
(¬3) رواه الدارقطني في "سننه" (1/ 398)، وقال: لم يروه غير جابر الجعفي، عن الشعبي، وهو متروك الحديث، والحديث مرسل لا تقوم به حجة، ومن طريق الدارقطني: رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (3/ 80). قال ابن عبد البر في "التمهيد" (6/ 143): وهو حديث لا يصح عند أهل العلم بالحديث، إنما يرويه جابر الجعفي، عن الشعبي مرسلا، وجابر الجعفي لا يحتج بشيء يرويه مسندًا، فكيف بما يرويه مرسلًا؟!.
(¬4) "حديث" ليس في "ق".