كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)
وقيل: إنما ترك ذلك؛ لأن فيه الحيعلة، وهو الأمر بالإتيان إلى الصلاة، فلو أمر في كل صلاة بإتيانها، لما استخف أحد ممن سمعه التأخر (¬1)، وإن دعته الضرورة إليه، وذلك مما يشق.
وقيل أيضا: لأنه كان - صلى الله عليه وسلم - في شغل عنه بأمور المسلمين، وعن مراعاة أوقاتهم، وقد قال عمر - رضي الله عنه -: لو أطقت الأذان مع الْخِلِيفى، لأذنت (¬2). والخليفى: الخلافة.
ع: وذهب أبو جعفر الداودي إلى معنى قول عمر في هذا: أنه في أذان الجمعة؛ لأن الأذان إنما يكون بين يدي الإمام فيها، والإمامة للخليفة، فلا يتقدم الأذان لذلك.
قال: هذا معنى (¬3) كلام الداوودي. انتهى كلام ع (¬4).
قلت: وقد ذكر ابن العربي في «القبس» (¬5): أنه -عليه الصلاة والسلام- أذن، ولفظه: أذن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأقام، وصلى، فتعين الكل بفعله، ثم سقط الوجوب في الأذان عن الفذ، إلى آخر كلامه.
¬__________
(¬1) في (ق): "التأخير".
(¬2) رواه عبد الرزاق في «المصنف» (1869)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (2334)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (3/ 290)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (1/ 433)، وغيرهم.
(¬3) "معنى" ليس في (ق).
(¬4) انظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (2/ 296).
(¬5) لم أره في باب الأذان من «القبس»، والله أعلم بحقيقة الحال.