كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)

الخامس: قوله: «كأني إلى بياض ساقيه»: لا يقال: قد جاء في صفته -عليه الصلاة والسلام-: ليس با؟ لأبيض الأمهق، وإذا نفي عنه البياض، كيف يوصف به؟ لأنا نقول: لم ينف عنه مطلق البياض، لا يخالط شيء من الحمرة، وليس بنير، ولكن كلون الجص ونحوه، هكذا ذكره أهل اللغة (¬1)، فهذا هو المنفي (¬2) عنه، وأما مطلق البياض، فلم ينفى عنه.
فيه دليل على تقصير الثياب، وهو أحد ما قيل في تفسير قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]، ويكون من باب تسمية الشيء بلازمه (¬3)؛ إذ يلزم من تقصيرها تطهيرها وصيانتها عما يصل إليها، وقد جاء أنه أتقى وأنقى وأبقى؛ أي: التقصير (¬4)، وقد تقدم شيء من هذا المعنى.
السادس: قوله: «فتوضأ، وأذن بلال»: في ظاهره بعض إشكال، وذلك أنه تقدم قوله: «فخرج بلال بوضوء» (¬5).
وقد قالوا: إن الوضوء هنا فضلة ماء وضوئه - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك ابتدره
¬__________
(¬1) انظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (3/ 27).
(¬2) في (ق): "المنتفى".
(¬3) في (ق): "بملازمه".
(¬4) في (ق): "القصير".
(¬5) في (ق): "بوضوئه".

الصفحة 30