كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)
الفجر، فإذا طلع الفجر، حرم ذلك عليه، ولما كان بلال يؤذن قبل الفجر، جاز الأكل والشرب حينئذ، ولما كان ابن أم مكتوم لا يؤذن إلا بعد انفجار الفجر، جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أذانه غاية للمنع من الأكل والشرب، ومن هذا قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، فجعل (حتى) غاية للتبيين.
قال ابن عطية: والمراد به فيما قال جميع العلماء: بياض النهار، وسواد الليل، وهو نص قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي بن حاتم في حديثه المشهور (¬1).
قلت: الحديث: أن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: عمدت إلى عِقالين أبيض وأسود، فجعلتهما تحت وسادي (¬2)، فكنت أقوم من الليل، فأنظر إليهما، فلا يتبين لي الأبيض من الأسود، فلما أصبحت، غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته، فضحك، وقال: «إن كان وسادك لعريضا» (¬3)، وروي: «إنك لعريض القفا، إنما ذلك بياض النهار، وسواد الليل» (¬4).
¬__________
(¬1) انظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية (1/ 258).
(¬2) في (ق): "وسادتي".
(¬3) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 215) بهذا اللفظ.
(¬4) رواه البخاري (4240)، كتاب: التفسير، باب: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، ومسلم (1090)، كتاب: الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصونم يحصل بطلوع الفجر.