كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)
بمنزله فعل؛ نحو: قر، واستقر، وعلا قرنه، واستعلاه (¬1).
* ثم الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: معنى «يسبح» هنا: يصلي النافلة، وربما أطلق التسبيح على مطلق الصلاة، وقد فسر قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] بصلاة الصبح، وصلاة التعصر.
والسُبحة: التطوع من الذكر والصلاة، تقول: قضيت سبحتي.
وروي: أن عمر - رضي الله عنه - جلد رجلين سبحا بعد العصر؛ أي: صليا (¬2).
وقد يعبر عنها -أيضا- بالسجود؛ كما قالت حفصةة في الصبح: كان يصلي سجدتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر (¬3)، تعني: ركعة بسجدتيها؛ كما عبر عنها أيضا بالقرآن في قوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ (¬4)} [الإسراء: 78]، والله أعلم.
وعبر عنها -أيضا- بالدعاء في قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77]؛ أي: صلاتكم.
والتسبيح حقيقة: التنزيه، وهو قول: سبحان الله، فإطلاق التسبيح على الصلاة إما من باب (¬5) إطلاق البعض على الكل، وإما لأن
¬__________
(¬1) انظر: «المفصل» للزمخشري (ص: 374).
(¬2) انظر: «الصحاح» للجوهري (1/ 372)، (مادة: سبح).
(¬3) رواه البخاري (1119)، كتاب: التطوع، باب: التطوع بعد المكتوبة.
(¬4) في (ق): " {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}؛ أي: صلاة الفجر، والله أعلم".
(¬5) "باب" ليس في (ق).