كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)

كأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد التوسعةَ على أمته، وقد تقدم: أن الأفضل عندنا تأخيرُ الوتر إلى آخر الليل لمن (¬1) عادتُه القيامُ قبل طلوع الفجر، وهو موافق لظاهر هذا الحديث؛ أعني: قولها: فانتهى وترُه إلى السحر؛ إذ ظاهره: أنه آخرُ الأمر منه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ولأصحاب الشافعي في ذلك وجهان، مع الاتفاق على جواز كل ذلك، بل الحديثُ يدل على الجواز في الأول والأوسط والآخر، نصًا، وإنما قلنا: التأخيرُ أفضل؛ لأن الصلاة آخرَ الليل أفضلُ من أوله في غير الفرائض، لكن إذا عارض ذلك احتمالُ تفويت (¬2) الأصل الذي هو الوتر، قدمناه (¬3) على فوات الفضيلة، وهذه قاعدة قد (¬4) اختُلف فيها، ومن جملة صورها: مَنْ عَدِمَ الماءَ في سفره، وكان يرجو وجودَه في آخر الوقت، هل يقدِّمُ الصلاةَ بالتيمم إحرازًا لفضيلة أول الوقت؟ وهو المختار عند الشافعية، أو يؤخره إلى آخر الوقت إحرازًا (¬5) للوضوء
¬__________
= و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 487)، و"عمدة القاري" للعيني (7/ 9)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 41)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 13)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (3/ 49).
(¬1) في "ت": "فيمن".
(¬2) في "ق": "تقوية".
(¬3) في "ق": "قدمنا".
(¬4) في "ت": "من".
(¬5) في "ق": "احترازًا".

الصفحة 553