كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)

وقال في هذه القطعة أيضا:
وَبَيْنَمَا الْمَرْءُ فِي الْأَحْيَاءِ مُغْتَبِطٌ ... إِذَا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الْأَعَاصِيرُ (¬1)
فتلقى (بينما) في البيت الأول بـ (إذ)، وفي الثاني بـ (إذا)، وهذا بخلاف (بينا)؛ فإنها لا تتلقى (¬2) بـ (إذ)، ولا بـ (إذا)، بل تقول: بينا زيد قائم، جاء عمرو.
وقيل: لأن المعنى فيه: بين أثناء الزمان جاء عمرو، ومنه قول أبي ذؤيب: [الكامل]
بَيْنَا تَعَانُقِهِ الْكُمَاةَ وَرَوْغِهِ ... يَوْمًا أُتِيحَ لَهُ جَرِيءٌ سَلْفَعُ
فقال: أتيح، ولم يقل: إذا أتيح، وهذا البيت ينشد بجر (تعانقه)، ورفعه، ولم يعرف الأصمعي إلا الجر، فمن جره، فالألف عنده لإشباع الفتحة، إذ الأصل: بين، وتعانقه: مضاف إليه، ومن رفعه، جعل الألف كافة، وتعانقه: مبتدأ محذوف الخبر، تقديره: بينا تعانقُه الكماة وروغُه واقعان منه.
ولتعلم: أنه لا يقع بعد (بينا) إلا جملة، أو مفرد، بشرط أن يكون مصدرا، فالجملة قد تقدم تمثيلها، والمفرد نحو قولك: بينا قيام زيد، قام عمرو، والسبب في ذلك: أنها تستدعي جوابا، فلم يقع لأجل ذلك بعدها إلا ما يعطي معنى الفعل الذي يشبه الجواب، والذي يعطي
¬__________
(¬1) لحريث بن جبلة العذري، كما ذكر ابن عبد ربه في «العقد الفريد» (3/ 192).
(¬2) في (ق): "تلقى".

الصفحة 57