كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)

من الإكثار منها، وهو حالُ الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وتابعيهم، وقد صح عنه -عليه الصلاة والسلام-: أنه كان يشدُّ على بطنه الحَجَرَ من الجوع، ولم يشبعْ -عليه الصلاة والسلام- من خُبز البُرِّ ثلاثًا متوالياتٍ حتى قُبِض -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد أُوتي مفاتيحَ (¬1) كنوزِ الأرض، فحقُّ المؤمنِ المتديِّنِ أن تكون (¬2) له بنبيِّه أُسوة.
الثاني عشر: قوله: "وعن (¬3) كثرة السؤال" يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يريد: السؤالَ عن الأحكام التي لم تدعُ الحاجة إليها، وقد (¬4) قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] وقال -عليه الصلاة والسلام-: "أَعْظَمُ النَّاسِ جُرْمًا عِنْدَ اللَّه مَنْ سَأَلَ شَيْئًا لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى المُسْلِمِينَ، فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ" (¬5).
وفي حديث اللِّعان: فَكَرِهَ المَسَائِلَ وَعَابَهَا (¬6).
¬__________
(¬1) في "ت": "بمفاتح".
(¬2) في "ت": "يكون".
(¬3) في "ت": "عن".
(¬4) في "ق" زيادة: "وقد كانوا يكرهون تكلف المسائل التي لا تدعو الحاجة إليها، وقد".
(¬5) رواه مسلم (2358)، كتاب: الفضائل، باب: توقيره -صلى اللَّه عليه وسلم-، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، عن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-.
(¬6) رواه البخاري (4468)، كتاب: التفسير، باب: قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ =

الصفحة 575