كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)

لا يخلو السؤال من غير حاجة عن (¬1) الكراهة، فتكون الكراهة في الكثير أشدَّ، وتكون (¬2) هي المخصوصةَ بالنهي، ويتبين من هذا: أن مَنْ يكره السؤالَ مطلقًا حيث لا يحرُم، ينبغي أن يحملَ قولَه على كثرة السؤال على الوجه الأول المتعلقِ بالمسائل الدينية، أو يجعلَ النهي دالًا على المرتبة الأشدية من الكراهة (¬3).
قلت: والعجبُ من هذا القائل بكراهة السؤال مطلقًا، حيث لا يحرُم، مع كون السؤال كان (¬4) في زمن رسول اللَّه-صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي زمن الصحابة، والتابعين إلى هَلُمَّ جَرًّا، وقد علمت ما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]، وقال تعالى: {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (¬5) [المعارج: 24، 25] وجاء في الحديث: "رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ" (¬6)، والنبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يقرُّ
¬__________
(¬1) في "ت": "من".
(¬2) في "ت": "ويكون".
(¬3) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 92).
(¬4) في "ت": "كانت".
(¬5) في "ت": {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19].
(¬6) رواه النسائي (2565)، كتاب: الزكاة، باب: رد السائل، والإمام أحمد في "المسند" (4/ 70)، وابن حبان في "صحيحه" (3374)، وغيرهم، من حديث ابن بجيد الأنصاري، عن جدته، بلفظ: "ردوا السائل ولو بظلف محترق".

الصفحة 578