كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)

فَعَلَ عمرُ، كان إذا خرج حاجًا أو معتمرًا، قصرَ بذي الحليفة، ويدل عليه -أيضًا-: أن بنيان القرية في حق الداخل من السفر يقطع حكَم (¬1) السفر؛ بلا خلاف؛ إذ لا خلاف (¬2) أنه إذا دخل بيوتَ القرية، يُتِمُّ (¬3)، فلذلك تمنعُ (¬4) ابتداءَ السفر، واللَّه أعلم.
هذه مقدمة، وفي البابِ فروعٌ كثيرةٌ موضِعُها كلتب الفقه، وليس في لفظ (¬5) الحديث ما يحتاج إلى تفسير.
وأما ذكرُه لأبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ -رضي اللَّه عنهم-، وإن كان الدليلُ قائمًا بمجرد فعلِ الرسولِ -عليه الصلاة والسلام-، فللإشعار بدوامِ العملِ بذلك، وأنه لم يتطرق إليه نسخ (¬6)، ولا معارِضٌ راجحٌ، وهذه طريقة مالك رحمه اللَّه في "موطئه"، يبدأ بالحديث أولًا، ثم يذكر عملَ الصحابة وأهلِ المدينة -رضي اللَّه عنهم-، وهو مِنْوالٌ لم ينسج على مثاله (¬7) إلا مَنْ صحبه التوفيق، وهُدي في تأليفه إلى أَقْوَمِ طريق، واللَّه الموفق.
* * *
¬__________
(¬1) "حكم" ليس في "ت".
(¬2) في "ق": "ولا خلاف".
(¬3) "يتم" ليس في "ت".
(¬4) في "ت": "فكذلك يمنع".
(¬5) "لفظ" ليس في "ت".
(¬6) في "ق": "النسخ".
(¬7) في "ت": "مثله".

الصفحة 605