كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)
الرابع: في الحديث: دليل على جواز النسخ، ووقوعه.
وفيه: دليل على قبول خبر الواحد.
قال الإمام أبو عبد الله المازري: اختلف أهل الأصول في النسخ إذا ورد، متى يتحقق حكمه على المكلف (¬1)؟ ويحتج لأحد القولين بهذا الحديث؛ لأنه ذكر أنهم تحولوا إلى القبلة وهم في الصلاة، ولم (¬2) يعيدوا ما مضى، وهذا دليل على أتن الحكم إنما يستقر بالبلاغ (¬3).
فإن قيل: كيف استداروا إلى القبلة بخبره، والنسخ في هذا الخبر بواحد؟
قيل: قد قالوا: إن النسخ بالواحد كان جائزا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما منع بعده - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل: إنما تلا عليهم الآيات التي فيها ذكر النسخ، فتحولوا عند سماع القرآن، فلم يقع النسخ بخبره، وإنما وقع النسخ عندهم بما سمعوا من القرآن (¬4).
وقال ع: أسد جواب في هذا أن يقال (¬5): إن العمل بخبر الواحد
¬__________
(¬1) في المطبوع من «المعلم» زيادة: "هل من حين وروده على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو حين بلوغ المكلف؟ ".
(¬2) في (ق): "فلم".
(¬3) في (ق): "بالبالغ"، وفي المطبوع من «المعلم»: "بالبلوغ".
(¬4) انظر: «المعلم بفوائد مسلم» للمازري (1/ 407).
(¬5) "أن يقال" ليس في (ق).