كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)
قال: ومن صلَّى بغير خطبة، لم يُعدْ، وروى في "الثمانية" (¬1): أن الجمعة تجزئه، وهو مذهب الحسن البصري، وداود.
ووجه القول باشتراطهما (¬2): ما قدمناه من أنها عبادة افتتحت (¬3) على وجوه، فالأصلُ اعتبارُ جميع الوجوه التي وقعت عليها، فلا تجزىء إِلَّا كذلك، إِلَّا ما دلَّ الدليل على أنه طَرْدٌ، ولم يدلَّ دليلٌ على أنهما (¬4) طرد، بل لا خلاف أنها مقصودة مطلوبة.
وأيضًا: فإن وجوب الجمعة وقع مجملًا في القرآن (¬5)، فبينه الرسول -عليه الصلاة والسلام- بفعله، وإذا كان الفعل بيانًا لمجمَل القرآن، كان على الوجوب، ولم ينقل أنه (¬6) -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاها قَطُّ إِلَّا بخطبة.
قال الإمام المازري: وأيضًا: فقد قال تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]، وأولُ الذِّكْر في الجمعة الخطبةُ، فيُحمل الظاهرُ عليه.
قلت: ومما يدلُّ على أن المرادَ بالذكرِ الخطبة: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ، طُوِيَتِ الصُّحُفُ، وَجَلَسَتِ
¬__________
(¬1) في "ت": "اليمانية".
(¬2) في "ت" و"خ": "باشتراطها".
(¬3) "افتتحت" ليس في "ت".
(¬4) في "ت": "أنها".
(¬5) في "ت": "في القرآن مجملًا".
(¬6) في "ق": "أن رسول اللَّه".