كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)
قضاء المبين ونسخه وحكمه على المبين.
وقالوا في صة القبلة: إنما هي نسخ قرآن بقرآن، وإن الأمر أولا كان بتخيير المصلي أن يولي وجهه حيث شاء؛ لقوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]، ثم نسخ باستقباله القبلة.
وقيل: بل صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس كان بعد ورود المدينة بأمر الله -تعالى-، ففرت بذلك اليهود، ثم صرف إلى الكعبة.
وكما اختلفوا هنا، كذلك (¬1) اختلفوا في نقيضه، وهو نسخ القرآن بالسنة، فذهب الأكثر إلى جوازه عقلا وسمعا، وأجازه بعهم عقلا، وقال: لم يوجد شرعا، ومنعه بعضهم عقلا.
وفي هذه القصة: دليل على صجحة نسخ الأحكام، وهو مما اسجتمع عليه كافة المسلمين، إلا طائفة من المبتدعة لا يعبأ بها لم تقل به في، ووافقت القنائية من اليهود [فيه] (¬2).
قلت: قوله: كافة المسلمين، ممتنع عند الجمهور؛ أعني: إضافة (كافة) إلى ما بعدها، وقد اشتهر رد العلماء على من استعمل (كافة) غير منصوب (¬3)؛ كالحريري، وابن نباتة الخطيب، والزمخشري، والقاضي كثيرا ما يستعملها.
¬__________
(¬1) "كذلك" ليس في (ق).
(¬2) انظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (2/ 446) وما بعدها.
(¬3) وعدوه خطأ معدودا في لحن العوام.