كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)

وفيها -أيضا-: «ومن وصل صَفًّا وصله الله، ومن قطع صَفًّا قطعه الله» (¬1).
وفيها -أيضا-: عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناقِ، فوالذي نفسي بيده! إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف، كأنها الحذف» (¬2).
قلتُ: الحذف - بفتح الحاء (¬3) المهملة والذال المعجمة -: غَنَم سود صغار من غنم الحجاز.
قال الخطابي: ويقال: أكثر ما تكون بالحجاز (¬4).
فهذه الأحاديث كلها تدل على طلب الأمرين جميعا؛ أعني: اعتدال القائمين في الصف، وسدَّ الخلل الكائنة فيه، والظاهر: أنه طلب ندب لاوجوب؛ لأنه-عليه الصلاة والسلام-قال: «فإنَّ ذلك من تمام الصلاة»، وتمام الشيء أمرٌ زائد على وجود حقيقته التي لا يتحقق
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (666)، كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصفوف، واللفظ له، الإمام أحمد في "المسند" (2/ 97) من حديث ابن عمر.
(¬2) رواه أبو داود (667)، كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصفوف، والنسائي (815)، كتاب: الإمامة، باب: حث الإمام على رص الصفوف والمقاربة بينها، وابن خزيمة في "صحيحه" (1545)، وابن حبان في "صحيحه" (2166)، من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(¬3) في "ق": "بالحاء" بدل "بفتح الحاء".
(¬4) انظر: "معالم السنن" للخطابي (1/ 184).

الصفحة 75