كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

فإن قيل: لم لا قلتم بوجوبه لأجل الخبر؟
قيل: لأن جماعة أسلموا، ولم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك؛ فدل لسنيته، ولو كان فرضاً لأمرهم به، ولأن الإسلام توبة من معصية؛ فلم يجب الغسل لها؛ كالتوبة من سائر المعاصي.
ثم ظاهر كلام الشيخ أن غسله بعد الإسلام، وقد أبعد بعض الأصحاب، فاستحبه قبله.
قال الإمام في كتاب الجمعة: وفيه نظر؛ فإن الأمر بتأخير الإسلام محال، والمعرفة إذا ثبتت لا يمكن دفعها. وإن كان المراد إظهار الشهادتين؛ فلا وجه لتأخيره، فإنه مما يجب على الفور.
نعم، لو قيل: لو بدت تباشير الهداية؛ فابتدر الكافر واغتسل، ثم أقبل، وهداه الله؛ فما جرى في الحال التي وصفناها: هل يعتد به؟ فيه احتمال وتردد.
ثم هذا في كافر لم يجب عليه في حال كفره الغسل، أما إذا وجب؛ فالمذهب أنه لا يسقط، ويجب عليه أن يغتسل بعد الإسلام.
وذهب الإصطخري إلى سقوطه؛ لعموم قوله- عليه السلام-: "الإِسْلامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ"، حكاه الماوردي عنه.
فإن قلنا بالمذهب، ولم يكن قد اغتسل في حال الكفر؛ فالأمر كما سلف، وإن كان قد اغتسل، فقد حكينا في الباب قبله في صحة غسله خلافاً.

الصفحة 13