كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

ولأنه لو رفعه، لما عاد برؤية الماء.
وقد قيل: إن نية الاستباحة على هذا لا تتعين؛ بل يجوز أن ينوي رفع الحدث، ويستبيح الصلاة؛ [لأن المعنى المقصود برفع الحدث إنما هو استباحة الصلاة]، والتيمم يبيح الصلاة، وإن لم يرفع الحدث. وهذا ما صححه ابن التلمساني.
والمذكور في أكثر كتب العراقيين: أن نية رفع الحدث لا تجزئ؛ وكذا نية الطهارة عن الحدث، ولم يحك في "الوسيط" غيره.
نعم، حكى عن ابن سريج: أنه يرفع الحدث في حق فريضة واحدة، وجعله ابن خيران قولاً للشافعي. وغلط فيه؛ لأن الحدث لا يتبعض.
وقد حكى الماوردي عن رواية بعض الأصحاب، عن المزني: أنه يرفع الحدث، ولم يخصه بفريضة واحدة.
قيل: هو غلط.
قلت: ويشبه أن يكون وجهه أنه لو كان يرفع الحدث، لما عاد برؤية الماء قبل الشروع في الصلاة، كما صار إليه أبو سلمة بن عبد الرحمن، وقد وافق المزني على عوده بذلك.
ولأنه لو كان يرفع الحدث، لما بطلت الصلاة برؤية الماء في أثنائها، وهو يرى بطلانها، وبمثل هذا يبطل مذهب ابن سريج؛ لأنه وافقه في البطلان، كما ستعرفه، والله أعلم.
وفي "النهاية"، في باب المسح على الخفين: أن القول بأن التيمم لا يرفع الحدث إذا لم يكن معه غسل، فإن كان التيمم مع الغسل، فهو بمثابة المسح على الخف مع غسل سائر أعضاء الوضوء.

الصفحة 30