كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

وأما في التيمم: فإن لم ينو عند إصابة التراب، لا يجزئه، قولاً واحداً، وهو كذلك. وإن نوى، وأمر يده [عليه] أجزأه، وهو ما حكيناه عن القاضي أبي حامد. وإن لم يمر يده فوجهان:
أحدهما: يجزئ كالماء.
والثاني: لا يجزئ؛ لعدم تحقق استيعاب التراب للمحل، فلو تحقق استيعابه أجزأه، وهو ما حكيناه عن أبي الطيب.
وقال في "الكافي": إن سفت الريح التراب على وجهه ويده، ولم يقصد الخروج للتيمم لا يجزئه، قولاً واحداً، وإن اقترنت نية التيمم بهبوب الريح.
ولو وقف في مهب الريح على قصد التيمم، فسفت الريح التراب على وجهه ويديه؛ فمسحهما بنية التيمم: هل يصح؟ فيه وجهان، أظهرهما: لا؛ كما في الصورة الأولى، وما قاله من التفرقة مستمر على قاعدته في اشتراط اقتران نية التيمم بالضرب، كما سلف.
الأمر الثاني: أن الضربة الواحدة لا تجزئ- وإن حصل الاستيعاب بها- لأنه جعل الواجب ضربتين فصاعداً، وهو ما أطلقه ابن الصباغ وغيره، لكن الذي ذكره البندنيجي: أن الواجب استيعاب ما ذكرناه، سواء كان بضربة أو ضربتين أو أكثر، ويجيء بمقتضى ذلك خلاف في المسألة، وقد حكاه الرافعي، وصحح عدم الوجوب.
قلت: ولعل إطلاق من أطلق المنع محمول على ما إذا لم يحصل الاستيعاب بالضربة الواحدة، وهو الواقع، وذلك يظهر لك مما حكيناه عن الإمام، [ثم] على ما قاله البندنيجي؛ فالإتيان بالضربتين مستحب، دون الزيادة عليهما والنقص عنهما.
وقيل: إنه يستحب أن يضرب ضربة للوجه، وأخرى لليد اليمنى، وأخرى لليسرى، وهو بعيد.
الثالث: إيجاب الضرب، وقد قال الإمام: إنه ليس بشرط، حتى لو أخذ كفاً من تراب، فمسح به وجهه، ثم اخذ كفاً أو كفين، ومسح يديه، واستوعبهما جاز.

الصفحة 42