كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

واحد منهما، وهو كذلك؛ لأنا ذكرنا أن المقصود إيصال التراب إلى الوجه واليدين كيف كان، وأن الهيئة المذكورة غير منقولة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا قد نسبه الرافعي إلى قول الصيدلاني، وأنه قضية كلام أكثر الشارحين لـ"المختصر".
نعم، من قال من الأصحاب: إن الهيئة المذكورة منقولة عن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يبعد أن يقول: إنها سنة.
ولا جرم قال الرافعي: المشهور أنها محبوبة؛ إشارة إلى ما ذكرناه، لكنه قال في آخر الباب: إنها سنة.
والأول أصح؛ لما ذكرناه.
السادس: أن مسح إحدى الراحتين بالأخرى، والتخليل بين أصابعهما إذا أتى بالهيئة المذكورة- لا من واجبات التيمم ولا من سننه؛ لأنه لم يذكرهما في واحد منهما.
وجوابه: أن الشافعي قال ذلك، واختلف الأصحاب في أن ذلك واجب أو مندوب إليه.
فمنهم من قال: إنه واجب، وبه جزم في "الكافي"؛ لأن به يصل التراب من كل يد منهما إلى الأخرى؛ فيحصل استيعاب العضو.
ولا يقال: إن التراب الذي حصل حالة الضرب [بهما، أسقط فرض ذلك المحل؛ لأنا نقول: المتيمم حالة الضرب] قاصد أن يمسح بما حصل في كل يد الأخرى؛ فلا يسقط به فرضها؛ كالمتوضئ إذا أدخل يده الإناء بعد غسل الوجه بنية الاغتراف، ولأنه [لو] سقط بذلك الفرض عن الراحة وما بين الأصابع لم يجز استعماله [في اليد الأخرى؛ لأنه يصير مستعملاً] كما لو أخذ الماء في الوضوء من إحدى اليدين، وأراد أن يستعمله في اليد الأخرى.
ومنهم من قال: إنه مستحب، وبه جزم البندنيجي وابن الصباغ؛ إذ فرض ذلك سقط بمجرد الضرب، ولا يرد جواز استعمال ما علق بذلك من التراب في اليد.

الصفحة 44