كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

نعم لو لم يتحقق العدم في الغد، بل كان يرجو وجود الماء فيه: فهل يباح له التيمم، أو لا ويستعمل ما معه من الماء؟ فيه وجهان في "التتمة"، ومثلهما ما حكاه القاضي الحسين- ها هنا: أن من كان معه ماء يفضل عن حاجته في المنزل لكن يحتاج إليه في المنزل الثاني، وهناك من يحتاج إليه في المنزل الأول: فهل يجب دفعه لصاحب الحاجة الناجزة، أو لا؟ فيه وجهان.
ولفظة: "محتاج إليه [للعطش] " تشمل حاجة صاحب الماء، وحاجة [غيره من آدمي أو حيوان محترم: وهو ما لا يباح قتله.
وقيل: إن حاجة] غيره المتوقعة لا تبيح التيمم، وهذا ما أبداه الإمام احتمالاً، وتابعه في "الوسيط".
قال الرافعي: والظاهر الذي اتفق عليه المعظم: أنه يتزود لرفقته؛ غذ لا فرق بين الروحين في الحرمة.
وتقييد الحاجة بالعطش يفهم أن الحاجة لغير العطش لا تبيح التيمم، وليس كذلك؛ لأنه لو فضل عن قدر حاجته للشرب شيء من الماء، ولا طعام معه، واحتاج إلى بيعه؛ لينفق ثمنه في طعام يشتريه- كان الفاضل كالمعدوم، قاله في "التتمة".
وهذا يمكن أن يجاب عنه بأنه في معنى الحاجة إليه للعطش؛ فإن [المأخذ] فيهما واحد.
نعم، من وجد من الماء ما يكفيه لطهارته من الحدث، وعلى بدنه نجاسة، والماء الذي معه قدر ما تزول به، وهو محتاج إليه لإزالتها، إذ لا بدل له عن ذلك- فالماء في حقه كالمفقود، قاله الماوردي [والمتولي وغيرهما].
نعم، هل يصح تيممه قبل استعماله في إزالة النجاسة؟ فيه وجهان في "الحاوي"؛ مأخذهما أن التيمم قبل الاستنجاء، هل يصح، أم لا، كما سلف؟
قال: والأصح: الصحة، لأن المقروح يجوز أن يقدم التيمم على الماء، وإن كان لا يستبيح [به] الصلاة.

الصفحة 53