كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

قال: فيما قرب منه؛ لأن في تكليفه طلبه فيما بعد مشقةً غير محتملة.
وقد حد الغزالي ومن بعده القرب بما يلحقه فيه غوث الرفاق؛ أخذاً من قول الإمام: لا نكلفه التعدي عن مخيم الرفقة فرسخاً أو فرسخين، وإن [كانت الطريق] آمنة.
ولا نقول: لا يفارق طنب الخيام؛ فالوجه القصد، وهو أن يتردد ويطلب إلى حيث لو استغاث بالرفقة لأغاثوه، مع ما هم عليه من التشاغل بالأشغال، والتفاوض في الأقوال، وهذا يختلف باستواء الأرض واختلافها صعوداً وهبوطاً.
قال الرافعي: ولا يلفى هذا الضبط في كلام غيره، وليس في الطرق ما يخالفه.
قلت: بل عبارة الماوردي توافقه؛ لأنه قال: عليه طلبه في المنزل الذي حصل فيه من منازل سفره، وليس عليه طلبه من غير المنزل الذي هو منسوب إلى نزوله.
وفي عبارة القاضي الحسين ما يقتضي أمراً آخر، سنذكره.
ثم كيفية الطلب- كما قاله البندنيجي وغيره-: أن ينظر في رحله، وفيما تحت يده أولاً- قال البندنيجي: ما لم يتحقق عدمه فيه- فإن لم يجده سأل من أصحابه وأهل رفقته.
قال في "الروضة": قال أصحابنا: ولا يجب أن يطلب من كل واحد من الرفقة بعينه، بل ينادي فيهم: من معه ماء؟ من يجود بالماء؟ ونحوه حتى قال البغوي وغيره: لو قلت الرفقة لم يطلب من كل بعينه.

الصفحة 54