كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

غيره بإذنه، أم لا؟
والظاهر منهما في "الرافعي": الجواز؛ حتى لو بعث النازلون واحداً؛ ليطلب الماء لهم أجزأ طلبه عن الكل، ولو بعثه بعضهم دون باقيهم أجزأ ذلك عن الباعثين، دون من لم يأمره به. وهذا في حالة قدرة الباعث على الطلب بنفسه؛ فإن لم يقدر عليه إلا بغيره فهو واجبه.
الثالث: أن محل وجود الطلب، إذا جوز وجود الماء، دون ما إذا تحقق عدمه؛ بأن كان في رمال [بعض] البوادي، ولا رحل له، ولا رفيق؛ فإن طلبه مع تحقق عدمه- عبث، وهذا هو الصحيح، وكلام البندنيجي السابق يفهمه.
وفي "التتمة" حكاية وجه آخر: أنه يجب في هذه الحالة؛ لعموم قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا} [المائدة: 6].
وفي "النهاية": الجزم- في هذه الصورة- بعدم إيجاب الطلب؛ لما ذكرناه.
وحكي عن بعض المصنفين حكاية وجهين في وجوبه في الموضع الذي يغلب على الظن فيه العدم ولا يتحقق، واستبعده.
ثم وجه عدم الوجوب بأن طلبه [يحصل غلبة] الظن بالعدم، وهي حاصلة قبله؛ فلا معنى له.
الرابع: وجوبه عند كل تيمم، سواء انتقل عن ذلك الموضع أو أقام به، [أو] غلب على ظنه حدوث ماء أو لم يغلب على ظنه، وهو مقتضى إطلاق العراقيين، وبه صرح الماوردي، لكنه قال: [إنه] ليس عليه إعادة طلبه في رحله؛ لأن عدم الماء في رحله متيقن، ووجوده في غيره يجوز.
وقال المراوزة: إن انتقل من ذلك المكان إلى موضع لو كان فيه ابتداء لوجب عليه طلبه فيه- وجب، وكذا إذا لم ينتقل، وحدث ما يحتمل بسببه وجوده، مثل غيم أو قدوم ركب.
أما إذا لم يحدث شيء من ذلك؛ فإن كان قد تيقن بالطلب الأول أنه لا ماء في ذلك الموضع؛ فلا يجب الطلب؛ بناء على ظاهر المذهب، وهو مقتضى تعليل

الصفحة 57