كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

وقد أفهم كلام الشيخ أموراً:
أحدها: أن محل وجوب القبول إذا كان البذل بعد دخول الوقت؛ لأنه وقت وجوب الطلب، كما تقدم، وبه صرح الماوردي، وقال: إنه لا يجب إذا بذل له قبل دخول الوقت؛ لأنه لا يجب عليه طلب اتهابه؛ [لأنه جعل] محل وجوب قبول الهبة إذا بذل له.
وقد حكى المراوزة؛ [في وجوبه وجهين:
أحدهما: أنه لا يجب]؛ لأن السؤال صعب على ذوي المروءات وإن هان قدر المسئول.
وأصحهما في "التهذيب"، و"الرافعي": أنه يجب، وادعى البندنيجي أنه ظاهر نصه في "البويطي"، ولم يحك غيره؛ لأن ما وجب قبوله وجب طلبه؛ كالبيع.
وعلى هذا فيجوز أن يقال: كلام الشيخ لا ينفيه، ويكون تقديره: إذا طلب اتهابه؛ فبذل له لزمه قبوله؛ وحينئذ يكون فيه [تنبيه] على وجوب السؤال عنه من رفقته، كما سلف.
والوجهان جاريان- كما قال في "الوسيط"-[في وجوب] طلب استقراض ثمنه، إذا قلنا بوجوب قبوله عند بذله. ورأيت في كلام غيره القطع بعدم الوجوب.
الثاني: أنه لو بذل له بأكثر من ثمن مثله لا يلزمه قبوله، قلت الزيادة أو كثرت، وهو ما حكاه الماوردي، والبندنيجي، والقاضي الحسين، والإمام.
وفي "التتمة": أن القاضي الحسين قال: إن قلت [بحيث لو غبن] الوكيل بمثلها، صح البيع- يلزمه قبوله، ولا يباح له التيمم، وهو المذكور في "التهذيب".
ثم ظاهر كلام الأصحاب: أنه لا فرق في الزيادة المانعة من لزوم القبول بين أن تكون بسبب تأجيله، إذا أوجبنا الشراء بثمن مؤجل يقدر عليه في بلده، أو لا، وبه صرح القاضي الحسين في "تعليقه".
وفي "الرافعي" وجه آخر: أن الزيادة بسبب التأجيل إذا كانت لا تزيد على ثمن مثله

الصفحة 62