كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

[قال وإن دل على ماء بقربه- أي: مما يقدر شرعاً وحساً على استعماله- لزمه قصده؛ لأنه فائدة الطلب، ولأنه يعد واجداً له].
قال: ما لم يخش الضرر في نفسه، أو ماله؛ لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ولأن الشرع أباح للخائف منه أن يترك أركان الصلاة من القيام والركوع والسجود، وكذا أن يصلي إلى غير القبلة، وكذا ترك استعمال الماء في الطهارة.
وخشية الضرر في النفس تشمل ما إذا خاف من لص أو سبع، ونحو ذلك في طريق الماء، وما إذا خشي ذلك في طريقه إلى مقصده؛ بسبب ارتحال رفقته قبل عوده إليهم، والطريق غير آمن.
نعم، لو كان الطريق آمناً، لا يخشى فيه- عند الانفراد- على نفسه وماله شيئاً، فالمشهور أنه لا يجب قصده- أيضاً- لأن الانفراد يؤثر وحشة، وهي ضرر.
وقال الغزالي: إن في ذلك غموضاً.
وعبارة الإمام: أن فيه احتمالاً.
وقد حكى الرافعي وجهاً آخر: أنه يجب قصده، وهو ما يفهمه كلام الشيخ.
وخشية الضرر في المال تشمل ما إذا خاف على ماله الذي معه، أو ماله الذي يخلفه في المنزل.
وكلام الشيخ يفهم أنه مع الأمن على النفس والمال يجب قصد الماء الذي دل عليه بقربه، سواء كان الوقت لا يخرج قبل وصوله إليه أو يخرج. وهو يوافق الوجه الذي حكيناه عن رواية الرافعي: في أن الطلب من جميع الرفقة يجب، وإن خرج الوقت.
وقد قال الرافعي: إن ما أفهمه كلام الشيخ هو ما اقتضاه كلام الأئمة؛ إلحاقاً لذلك بالماء الذي في رحله، إذا كان الوقت يخرج لو استعمله.
وقد رأيت في "الإبانة" حكاية ذلك عن نص الشافعي، لكن الذي حكاه في "التهذيب"، وأبو الطيب، والبندنيجي، وابن الصباغ: أنه إنما يجب طلب الماء الذي

الصفحة 65