كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 2)

وإن قلنا بالطريقة الأخرى، فمسألة البئر والدلو كنظير مسألة السفينة؛ لأن للماء بدلاً، وهو التراب، وعلى هذا التخريج جرى المتولي.
وعلى النص في السفينة إذا صلى قاعداً يعيد إذا قدر؛ كما حكاه الماوردي في باب صلاة المسافر، والخلاف الآتي مطرد فيه.
أما إذا كان ما دل عليه من الماء لا يقدر على استعماله شرعاً، وهو ما إذا كان في صهريج أو جب ونحوه- فإنه لا يجب عليه قصده؛ لأنه لا يجوز استعماله في الطهارة- كما قال في "التتمة" وغيرها- لأنه إنما يوضع كذلك للشرب، لا للاستعمال.
ولو كان غير قادر على استعمال حساً؛ لكونه في بئر أو نهر لا يصل إليه بنفسه ولا بغيره إلا بدلو ورشاء فهو عادم له؛ لأنه لا يجب عليه قصده؛ لأنه عند حضوره كالمفقود في حقه، ويجوز له التيمم؛ فلا فائدة في طلبه.
نعم، لو قدر غيره على النزول إليه، وقدر على ذلك بأجرة المثل، أو غير أجرة- وجب عليه. وكذا لو وجد من يبيعه أو يؤجره الدلو والرشاء بقيمة ذلك، وهو يجدها في الحال، وكذا لو كان لا يجدها إلا في بلده، ورضي صاحبه بالتأجيل، على أحد الوجهين.
ولو وجد من يعيره ذلك، أطلق الجمهور الوجوب.
وفي "الحاوي" وجه آخر: أن قيمة ذلك إن لم تزد [عن ثمن مثل الماء] وجبت، وإن زادت لم تجب؛ لأن العارية مضمونة.
ولو كان يقدر على الوصول إليه بأن ربط عمامته في الدلو، ولو شقها نصفين، أو وضع طرفها في الماء، ورفعه، وعصره وجب ذلك إذا كانت قيمة العمامة لا تنقص بذلك، أو تنقص قدراً يوازي قيمة الماء.
وإذا زاد النقص على ذلك، لم يجب، كذا قاله القاضي أبو الطيب، والماوردي.
وقال المتولي وغيره: المعتبر ألا يزيد النقص عن أجرة مثل ذلك؛ فإن زاد لم يجب.

الصفحة 67